عزّة النفس
تُعرف عزة النفس بأنها الارتفاع عن مواضع الإهانة، وما يُهين النفس، فعزيز النفس لا يسمح لأحد أن يُريق ماء وجهه ويسعى دوماً حتى يبقى موفور الكرامة، ومرتاح الضمير، ومرفوع الرأس شامخ العينين، ومُتحرّراً من ذل الطمع، ولا يسير إلا وفق ما يمليه عليه إيمانه والحق الذي يحمله ويدعو إليه.
يقولون لي فيك انقباض
- هذه القصيدة لعلي بن عبد العزيز بن الحسن بن علي القاضي الجرجاني، ومن أجمل قصائده في عزة النفس:
[1]
- رأوا رجلاً عن موقفِ الذلِّ أحجما
- ومن أكرَمته عزةُ النفسِ أكرِما
- بدا طَمَعٌ صَيَّرتُه لي سُلَّما
- من الذلِّ أعتدُّ الصيانةَ مَغنما
- ولكنَّ نفسَ الحرِّ تَحتَملَ الظَّمَا
- مخافةَ أقوال العدا فيم أو لما
- وقد رحتُ في نفسِ الكريمِ مُعَظَّما
- أقلِّبُ فكري إثره مُتَنَدِّما
- وإن مَالَ لم أُتبعهُ هَلاِّ وليتَما
- إذا لم أَنلها وافرض العرضِ مُكرما
- وأن أَتلقَّى بالمديح مُذمَّما
- إليه وإن كَانَ الرَّئيسَ الُمعظَّما
- وكم مغنمٍ يَعتَده الحرُّ مَغرَما
- لأَخدمَ من لاقيتُ لكن لأُخدما
- إذن فاتباعُ الجهلِ قد كان أَحزَما
- ولو عَظَّمُوه في النفوسِ لَعُظِّما
- مُحَيَّاه بالأطماعِ حتى تَجهَّما
- كبا حين لم يحرس حماه وأُسلما
- ولا كلُّ من في الأرضِ أرضاه مُنَعَّما
- أُقلبُ فكري مُنجداً ثم مُتهما
- إذا قلتُ قد أسدى إليَّ وأنعما
وقالت النفس لما أن خلوت بها
- أبو عامر أحمد بن عبد الملك بن أحمد بن عبد الملك بن عمر بن محمد بن عيسى بن شهيد الأشجعي، ولد في عام (323هـ) وتوفي في عام (393هـ)، وقال في قصيدته هذه عن عزة النفس.
[2]
- أشكو إليها الهوى خلوا من النعم
- معرس في ديار الظُّلْم والظُلَم
- برء من الشوق أو برء من العدم
- فقلت إني لأستحيي بني الحكم
- والمنعلين الثريا أخمص القدم
- لما وجدت لطعم الموت من ألم
- ويلي من الحب أو ويلي من الكرم
- عهدي وأثنت بما راعيت من ذمم
- لتقرعنّ علي السن من ندم
- ولا تخف إلى غير العلا قدمي
- على النعامة شلالاً من النعم
- أمواه نيطة تهوي فيه باللجم
- أرعى لحق العلا من سالف الأمم
العزم وأبناؤه
- محمد مهدي الجواهري شاعر عراقي، وهو من شعراء العصر الحديث، ولد في عام 1899م، وتوفي في عام 1997م، وصدر له ديوان شعري في عام 1928م باسم (بين الشعور والعاطفة)، ومن أجمل قصائده في عزة النفس.
[3]
- وذو الجد حتى كل ما دونه لعب
- تكفل في إنتاجها الصّارم العضب
- فأيسر شيء عنده المركب الصّعب
- وروداً فموت العزّ مورده عذب
- وبيض الظبا رقراقها علل سكب
- بعينك ماذا تفعل الأسد الغلب
- عظيماً، فكل دون موقفه الهضب
- فما عودتهم أن يلم بهم عتب
- لطار أسىً من برج ذكراكم القلب
- وما غيركم يستلّها، فلها هبّوا
- جفون غوادية، وناحت بك السّحب
- كواكب ليل الخطب إن حلك الخطب
- مخافة واشٍ أن يساعدني الركب
- دليل لمن يدر ما فعل الغرب.
كفى بك داءً أن ترى الموت شافياً
- أحمد بن الحسين بن الحسن بن عبد الصمد الجعفي أبو الطيب الكندي الكوفي، ولد في عام 915م، وتوفي في عام 965م، واشتُهر في مدح الملوك في قصائده ومنهم مدحه لسيف الدولة الحمداني، وهذه القصيدة التي تحدث بها عن عزة النفس.
[4]
- وَحَسْبُ المَنَايَا أنْ يكُنّ أمانِيَا
- صَديقاً فأعْيَا أوْ عَدُواً مُداجِيَا
- فَلا تَسْتَعِدّنّ الحُسامَ اليَمَانِيَا
- وَلا تَستَجيدَنّ العِتاقَ المَذاكِيَا
- وَلا تُتّقَى حتى تكونَ ضَوَارِيَا
- وَقد كانَ غَدّاراً فكُنْ أنتَ وَافِيَا
- فَلَسْتَ فُؤادي إنْ رَأيْتُكَ شَاكِيَا
- إذا كُنّ إثْرَ الغَادِرِين جَوَارِيَا
- فَلا الحَمدُ مكسوباً وَلا المالُ باقِيَا
- أكانَ سَخاءً ما أتَى أمْ تَسَاخِيَا
- رَأيْتُكَ تُصْفي الوُدّ من ليسَ صافيَا
- لَفارَقتُ شَيبي مُوجَعَ القلبِ باكِيَا
- حَيَاتي وَنُصْحي وَالهَوَى وَالقَوَافِيَا
- فَبِتْنَ خِفَافاً يَتّبِعْنَ العَوَالِيَا
- نَقَشْنَ بهِ صَدرَ البُزَاةِ حَوَافِيَا
- يَرَينَ بَعيداتِ الشّخُوصِ كما هِيَا
- يَخَلْنَ مُنَاجَاةَ الضّمِير تَنَادِيَا
- كأنّ على الأعناقِ منْهَا أفَاعِيَا
- بهِ وَيَسيرُ القَلبُ في الجسْمِ ماشِيَا
- وَمَنْ قَصَدَ البَحرَ استَقَلّ السّوَاقِيا
- وَخَلّتْ بَيَاضاً خَلْفَهَا وَمَآقِيَا
- نَرَى عِندَهُمْ إحسانَهُ وَالأيادِيَا
- إلى عَصْرِهِ إلاّ نُرَجّي التّلاقِيَا
- فَمَا يَفعَلُ الفَعْلاتِ إلاّ عَذارِيَا
- فإنْ لم تَبِدْ منهُمْ أبَادَ الأعَادِيَا
- إلَيْهِ وَذا اليَوْمُ الذي كنتُ رَاجِيَا
- وَجُبْتُ هَجيراً يَترُكُ المَاءَ صَادِيَا
- وَكلَّ سَحابٍ لا أخُصّ الغَوَادِيَا
- وَقد جَمَعَ الرّحْمنُ فيكَ المَعَانِيَا
- فإنّكَ تُعطي في نَداكَ المَعَالِيَا
- فَيَرْجعَ مَلْكاً للعِرَاقَينِ وَالِيَا
- لِسائِلِكَ الفَرْدِ الذي جاءَ عَافِيَا
- يَرَى كلّ ما فيهَا وَحاشاكَ فَانِيَا
- وَلَكِنْ بأيّامٍ أشَبْنَ النّوَاصِيَا
- وَأنْتَ تَرَاهَا في السّمَاءِ مَرَاقِيَا
- تَرَى غيرَ صافٍ أن ترَى الجوّ صَافِيَا
- يؤدّيكَ غَضْبَاناً وَيَثْنِيكَ رَاضِيَا
- وَيَعصِي إذا استثنَيتَ أوْ صرْتَ ناهِيَا
- وَيَرْضَاكَ في إيرادِهِ الخيلَ ساقِيَا
- من الأرْضِ قد جاسَتْ إلَيها فيافِيَا
- سَنَابِكُها هَامَاتِهِمْ وَالمَغانِيَا
- وَتَأنَفُ أنْ تَغْشَى الأسِنّةَ ثَانِيَا
- فسَيفُكَ في كَفٍّ تُزيلُ التّساوِيَا
- فِدَى ابنِ أخي نَسلي وَنَفسي وَمالِيَا
- وَنَفْسٌ لَهُ لم تَرْضَ إلاّ التّنَاهِيَا
- وَقد خالَفَ النّاسُ النّفوسَ الدّوَاعيَا
- وَإنْ كانَ يُدْنِيهِ التّكَرُّمُ نَائِيَا
حكم سيوفك في رقاب العذل
- عنترة بن شداد بن قراد العبسي، وهو أحد أشهر شعراء العرب ما قبل الإسلام توفي في عام 601م، عُرف بحبه وغزله العفيف بابنة عمه عبلة، واشتهر بأنه شاعر المعلقات، وهو من أشهر الفرسان العرب، ومن قصائدة في عزة النفس.
[5]
- واذا نزلتْ بدار ذلَّ فارحل
- واذا لقيت ذوي الجهالة فاجهل
- خوفاً عليكَ من ازدحام الجحفل
- واقْدِمْ إذا حَقَّ اللِّقا في الأَوَّل
- أَوْ مُتْ كريماً تَحْتَ ظلِّ القَسْطَل
- حصنٌ ولو شيدتهُ بالجندل
- منْ أنْ يبيتَ أسير طرفٍ أكحل
- فوق الثريا والسماكِ الأعزل
- فسنان رمحي والحسام يقرُّ لي
- لا بالقرابة ِ والعديدِ الأَجزل
- والنَّارُ تقْدحُ منْ شفار الأَنْصُل
- شهدَ الوقعية َ عاد غير محجل
- لما طعنتُ صميم قلب الأخيل
- والهيْذُبانَ وجابرَ بْنَ مُهلهل
- والزّبْرِقانُ غدا طريحَ الجَنْدل
- ضَبُعٌ تَرعْرَع في رُسومِ المنْزل
- والشَّعرُ منها مثْلُ حَبِّ الفُلْفُل
- برْقٌ تلأْلأْ في الظّلامَ المُسدَل
- هَلاَّ رأيتُمْ في الدِّيار تَقَلْقُلي
- ومن العَجائبِ عزُّكم وتذَلُّلي
- بل فاسقني بالعزَّ كاس الحنظل
- وجهنم بالعزَّ أطيبُ منزل
المراجع
- 1 - أبو الحسن الجرجاني، " يقولون لي فيك انقباض وإنما " , www.adab.com , أبو الحسن الجرجاني، .
- 2 - ابن شهيد، " وقالت النفس لما أن خلوت بها " , www.diwandb.com , ابن شهيد، .
- 3 - محمد مهدي الجواهري ، " العزم وأبناؤه " , www.adab.com , محمد مهدي الجواهري ، .
- 4 - المتنبي، " كفى بك داء أن ترى الموت شافيا " , www.aldiwan.net , المتنبي، .
- 5 - عنترة بن شداد ، " حكم سيوفك في رقاب العذل " , www.adab.com , عنترة بن شداد ، .