القيامة ذلك اليوم الموعود
خلق الله الأرض وقدّر عليها الزّوال، وأرادها أنْ تكون دار ممرٍّ لا دار مقرٍّ، ومحطّة امتحان للعبور إلى الدّار الآخرة، وأخبر المولى -سبحانه- عباده بأنّ مصيرها الانتثار كما غيرها من الكواكب؛ فقال سبحانه: (وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انتَثَرَتْ)،
سورة الزلزلة وسبب نزولها
يقول الله -سبحانه- في مُحكم التّنزيل: (إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا*وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا*وَقَالَ الْإِنسَانُ مَا لَهَا*يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا*بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا*يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِّيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ*فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ*وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ)،
معنى إذا زلزلت الأرض زلزالها
سورة الزلزلة تنطوي على التحذير والتخويف من زلزلة الأرض، وما يترتّب على ذلك من الحثّ على الأعمال الصالحة، إذ العملُ الطّيب فيها لا يضيع عند الله -سبحانه- مهما قلّ، حتى لو كان مثقال ذرّةٍ، ومثله المعاصي والآثام:
- تتناول السّور في مقدّمتها حدثاً من أبرز أحداث يوم القيامة، حيث ترتجف الأرض الثابتة ارتجافاً شديداً، وتزلزل زلزالاً عظيماً، ولفظُ كلّ ما في باطنها، وتُخِرج ما فيها من أجساد ومعادن وغيرها، في مشهدٍ يُوحي بأنّها تتخفّف من أحمالها الباطنة، ثمّ تموج بها موجاً شديداً، وتمور موراً،
[9] - ذهب الإمام القرطبي في تفسيره للسّورة بأنّ المقصود بزلزلة الأرض؛ أي: يوم أنْ تتحرّك من أصلها، وجاء عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنّ زلزلة الأرض تكون في النفخة الأولى، ثمّ يتبع ذلك إخراج الأرض لما في جوفها من الأجساد والأثقال مصداقاً لقوله جلّ وعلا: (يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ*تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ).
[10] [11] - جاء إضافة المصدر ونسبته للأرض في قوله تعالى: (زِلْزَالَهَا) من باب التّأكيد على هول المشهد، وأنّه هنا على سبيل الاختصاص؛ فهو ليس زلزالاً كالزّلازل المعهودة في أذهان الناس في الدنيا، حيث يرافق ذلك المشهد ذهول البشر ممّا يحدث للأرض؛ فكأنّهم كالسّكارى من غير سُكْرٍ؛ فلا يدري أحدهم ماذا يفعل، حتى إنّه ليتساءل والحيرة والخوف يغشاه؛ فيقول كما أخبر المولى سبحانه: (وَقَالَ الْإِنسَانُ مَا لَهَا).
[8]
العبر والعظات من سورة الزلزلة
سورة الزلزلة تؤكّد على أنّ حدث زلزال الأرض سيغيّر نظام العالم ونواميسه؛ فالخلق مقبلون على مرحلةٍ جديدةٍ لم يشهدوها من قبل، حيث تنطق فيها الجمادات، وتحدّث الأرض أخبارها تأكيداً إلى أنّ المرحلة المقبلة مرحلة حسابٍ، وسؤالٍ وجوابٍ، وفي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه: (قَرَأَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ هذه الآيَةَ: يَومَئِذٍ تُحَدِّثُ أخْبارَهَا، قال: أتَدْرُون ما أخبارُها؟ قالُوا: اللهُ ورسولُه أعلَمُ، قال: فإِنَّ أخبارَها أنْ تَشهدَ على كلِّ عبدٍ وأمَةٍ بِما عَمِلَ على ظَهرِها، تَقولُ: عَمِلَ يومَ كذا، كَذا وكذا، فهذِهِ أخبارُها)،
المراجع
- 1 - سورة الانفطار، آية: 2. .
- 2 - سورة الفجر، آية: 21. .
- 3 - سورة العنكبوت، آية: 64. .
- 4 - سورة الزلزلة، آية: 1-8. .
- 5 - سورة القيامة، آية: 6. .
- 6 - سورة يونس، آية: 48. .
- 7 - سورة الزلزلة، آية: 7-8. .
- 8 - أنور إبراهيم، " تأملات قصار السور سورة الزلزلة " , www.saaid.net , أنور إبراهيم، .
- 9 - سيد قطب، " تفسير السورة (الزلزلة) " , www.al-eman.com , سيد قطب، .
- 10 - سورة النازعات، آية: 6-7. .
- 11 - محمد بن أحمد القرطبي (1964)، <i> " الجامع لأحكام القرآن " , (الطبعة الثانية)، القاهرة: دار الكتب المصرية، صفحة 147، , محمد بن أحمد القرطبي (1964)، .
- 12 - رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 3353، حسن صحيح. .
- 13 - رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 4963، صحيح. .
- 14 - رواه السيوطي، في الجامع الصغير، عن سهل بن سعد الساعدي، الصفحة أو الرقم: 2901، صحيح. .
- 15 - إبراهيم الحقيل (4-9-2007)، " تفسير سورة الزلزلة " , www.alukah.net , إبراهيم الحقيل (4-9-2007)، .
- 16 - عبد الرحمن السيوطي، <i> " الدر المنثور " , ، بيروت: دار الفكر، صفحة 597، جزء 8 , عبد الرحمن السيوطي، .