أهمّ التحديات التي تقف في طريق انتشار بلوك تشين بشكل واسع

معلومات عامة  -  بواسطة:   اخر تحديث:  2020/11/04
أهمّ التحديات التي تقف في طريق انتشار بلوك تشين بشكل واسع

تعتبر العملات الرقميّة اليوم من أشهر الابتكارات التقنيّة خلال السنوات الأخيرة، فقد أصبح من الصعب إنكار فعاليّتها وميزاتها الكثيرة في العديد من الاستخدامات والمجالات، وعلى الرغم من ذلك فما زالت تقنيّة بلوك تشين التي تعتبر حجر الأساس لها تعاني من بعض المشاكل، حيث أنّ تواجد أكثر من 6000 عملة رقميّة اليوم لا يعني أنّ كل واحدة منها تمكّنت من إحداث ثورة حقيقيّة لوحدها، وذلك بسبب تواجد الكثير من التحدّيات التي تعيق تقدّم بلوك تشين وانتشارها على نطاق أوسع.


تواجه أي تقنيّة حديثة العهد بعض المشاكل في بدايتها وهو أمر طبيعي، ولكن بالنسبة لبلوك تشين فقد كان الأمر مختلفاً بعض الشيء، حيث أنّ التقنيّة بحد ذاتها ليست المشكلة الوحيدة وإنّما طبيعتها اللامركزيّة والمفتوحة المصدر التي تتطلّب الكثير من الجهود الجماعيّة لتحقيق أفضل استفادة منها. في هذا المقال سنتكلّم عن أبرز التحدّيات التي تقف في طريق بلوك تشين للانتشار بشكل واسع وإحداث تغييرات فعليّة فتابعو معنا للتعرف عليها.


قابليّة التوسّع


أهمّ التحديات التي تقف في طريق انتشار بلوك تشين بشكل واسع


تعتبر قابليّة التوسّع (Scalability) من أبرز المشاكل التي تعيق تقدّم أي منصّة بلوك تشين عامّة، حيث أنّ الكثير من تلك المنصّات دائماً ما تواجه صعوبة بالانتشار بشكل أوسع مع انضمام الكثير من المستخدمين الجدد لها، وفي النهاية تضّطر لاتّباع حلول أخرى والقيام بتعديلات على المنصّة قد تؤدّي لحدوث الكثير من الخلافات بين المطوّرين وحدوث تفرّعات في المنصّة نفسها، حيث أنّ شبكة بتكوين على سبيل المثال يزداد حجمها بحوالي 1MB للكتلة في كل عشر دقائق، وقد وصل حجمها الكامل اليوم إلى 285GB تقريباً.


من الناحية الأخرى هناك منصّات مثل إيثيريوم أصبحت أضخم بكثير من ذلك، حيث تجاوز حجم بياناتها الكاملة حاجز الـ 5TB حتى اليوم، وهو ما يعتبر مشكلة حقيقيّة نظراً لضرورة تواجد هذه البيانات بالكامل على الحواسيب التي تريد أن تكون جزءاً من الشبكة للتعدين ومعالجة معاملات التحويل. بالنسبة لشبكات بلوك تشين الخاصّة فإنّ قابليّة التوسّع لا تعدّ مشكلة كبيرة في الواقع، حيث أنّ المشاركين فيها يكون لهم مصلحة مباشرة في معالجة المعاملات، وذلك بالإضافة لكونها لا تسمح بالأساس لأيًّ كان بالانضمام لها.


سرعة معالجة المعاملات


أهمّ التحديات التي تقف في طريق انتشار بلوك تشين بشكل واسع


على الرغم من الميزات الكثيرة التي تقدّمها بلوك تشين لمعالجة معاملات التحويل، إلّا أنّها ما زالت خلف المنافسين بكثير من ناحية السرعة، حيث أنّ بتكوين على سبيل المثال تستطيع معالجة حوالي 7 معاملات في الثانية فقط، في حين أنّ إيثيريوم التي تعتبر متفوّقة عليها بشكل كبير لا تستطيع معالجة سوى 15 معاملة في الثانية أيضاً، ولكنّ الشركات المتخصّصة بهذا المجال مثل خدمة الدفع التابعة لشركة Alibaba تمكّنت من الوصول 325000 معاملة في الثانية في أحد الأيّام، كما أنّ شركة Visa الخاصّة ببطاقات الائتمان تستطيع معالجة 1700 معاملة أيضاً.


بالطبع فإنّ بعض منصّات البلوك تشين الحديثة تستطيع معالجة ما يصل إلى عشرات ومئات الآلاف من المعاملات في الثانية الواحدة، ولكنّ معظم تلك المنصّات ما زالت بعيدة عن أن تصبح جاهزة وملائمة ليتمّ تضمينها في بيئة الشركات الكبيرة حيث أنّ هنالك الكثير من الشروط التي يجب تحقيقها في البداية.


اللامركزيّة


https://i0.wp.com/coders-errand.com/wp-content/uploads/2020/05/blockchain-block-chain-3019120.jpg?fit=1024%2C767&ssl=1


تعدّ اللامركزيّة هي أبرز ما يميّز شبكات بلوك تشين عن الكثير من التقنيّات الأخرى، حيث أنّها قابلة للعمل بشكل حر بعيداً عن تواجد أي سلطة أو جهة تقوم بالتحكّم بها، ولكنّ المشكلة هنا هو مستوى اللامركزيّة التي تستطيع كل منصّة تقديمه، حيث أنّ بتكوين التي كانت سابقاً المعيار الذهبي لشبكة البلوك تشين اللامركزيّة، أصبحت اليوم محكومة من قبل مزارع التعدين التي تسطير على معظم طاقة التعدين الخاصّة بها، وهو ما أدّى لخروج المعدّنين الأفراد من هذا المجال بالكامل تقريباً بسبب عدم قدرتهم على تحقيق أرباح حقيقيّة من ذلك.


بالطبع فإنّ هذه المشكلة مرتبطة حالياً بعملة بتكوين بسبب تضاعف سعرها خلال السنوات الأخيرة، ولكنّها قد تتوسّع لتشمل منصّات أخرى في حال ارتفاع أسعار عملاتها وتشكيل حافز كافي للشركات الكبيرة لإنشاء مزارع تعدين خاصّة بذلك. بالنسبة لشبكات بلوك تشين الخاصّة فالأمر مختلف بعض الشيء، وذلك لكون المشتركين فيها عادةً ما يكونون فئة معيّنة يتمّ التأكد منهم ومن نواياهم مسبقاً، وبالتالي فإنّ سيطرة البعض منهم على معالجة المعاملات لن يؤدّي لحدوث أي مشاكل في الحالة الطبيعيّة.


عدم تواجد الخبرات الكافية


أهمّ التحديات التي تقف في طريق انتشار بلوك تشين بشكل واسع


ما زالت الكثير من الجامعات الكبيرة اليوم لا تقدّم دروس و كورسات كافية لتعليم بلوك تشين، وهو ما يعتبر مشكلة كبيرة بالنظر لعدد المبرمجين الكبير اليوم، حيث يعتمد الكثير منهم على خبراتهم السابقة والتعلّم الذاتي من أجل معرفة كيفيّة التعامل مع تقنيّات بلوك تشين المختلفة، وبذلك ما يزال المجال محصوراً بفئة قليلة من المطوّرين والخبراء فقط، حتى أنّ وظائف بلوك تشين تعتبر مطلوبة بشكل كبير اليوم خاصّة في مجال تطوير وبرمجة المنصّات.


عدم تواجد بيئة جاهزة لتضمين تقنيّات بلوك تشين


أهمّ التحديات التي تقف في طريق انتشار بلوك تشين بشكل واسع


لا شكّ أنّ بلوك تشين تعتبر لامركزيّة مهما حاولت الشركات أو الأفراد تجاوز ذلك والتحكّم بها أو بجزء منها، ولكنّ أحد التحدّيات الكبيرة التي توجهها التقنيّة في هذا الجانب هو الخدمات والتطبيقات الأخرى الموجودة مسبقاً والتي من المفترض أن تعمل معها بشكل لامركزي، مثل خدمات الحوسبة السحابية والتخزين ومنصّات التواصل ومخدّمات أسماء النطاق التي ما يزال معظمها مركزيّاً ولا يوجد بدائل حقيقيّة لذلك في الوقت الحالي.


استهلاك الطاقة


أهمّ التحديات التي تقف في طريق انتشار بلوك تشين بشكل واسع


يعتبر صرف الطاقة من أبرز التحدّيات التي نشأت مع ظهور بلوك تشين وانتشار التعدين على نطاق أوسع مع مرور الوقت، والسبب الرئيسي وراء ذلك هو أنّ معظم المنصّات ما زالت تستخدم خوارزميّة إثبات العمل (PoW) التي تتطلّب طاقة كهربائيّة هائلة من أجهزة التعدين لمعالجة معاملات التحويل وتحقيق الأرباح، وبحسب تقديرات موقع Digiconomist فإنّ استهلاك شبكة بتكوين لوحدها من الطاقة الكهربائيّة وصل إلى 71 تيرا واط ساعي في العام الواحد، وهو ما يعتبر أكثر مما قد تصرفه دول بالكامل مثل جمهوريّة التشيك التي يبلغ عدد سكانها 10.7 مليون نسمة تقريباً.


مع خوارزميّات الإجماع التي ظهرت في السنوات الأخيرة أصبح من الممكن توفير الكثير من الطاقة الكهربائيّة، وتعتبر خوارزميّة إثبات الحصّة (PoS) هي أبرز مثال على ذلك، ولكنّ المشكلة تبقى عدم قدرة بعض المنصات على التحويل إليها والاستغناء عن خوارزميّة إثبات العمل، حيث أنّ هنالك الكثير من التعقيدات التقنيّة التي تمنع ذلك بالإضافة لعدم موافقة بعض المطوّرين على التبديل.


تحدّيات وعوائق أخرى


أهمّ التحديات التي تقف في طريق انتشار بلوك تشين بشكل واسع


هنالك الكثير من التحدّيات الأخرى التي على بلوك تشين تجاوزها للتمكّن من الانتشار بشكل واسع، مثل عدم تواجد معايير واضحة يمكن للمطوّرين والشركات العمل وفقها وتوحيد تقنيّاتهم لتعمل مع بعضها بالإضافة لمشكلة قابليّة العكس (Irreversibility) بسبب عدم القدرة على تعديل أي معاملة بعد أن تصبح متاحة على شبكات بلوك تشين العامّة، كما أنّ مشكلة الحوسبة الكموميّة التي تكلّمنا عنها في مقال سابق ستشكّل تحدّياً كبيراً لأمان بلوك تشين في حال نضوج هذه التقنيّة قبل أن يتمكّن المطوّرون من تضمين خوارزميّات تشفير جديدة للحماية منها.


هذا المقال برعاية eToro شبكة التداول بالعملات والأسهم الأكثر رواجًا في العالم