تبدل اقطاب الأرض المغناطيسية وكيف يحدث

معلومات عامة  -  بواسطة:   اخر تحديث:  2021-04-19
تبدل اقطاب الأرض المغناطيسية وكيف يحدث

هل تخيلت أن تستيقظ يومًا لتكتشف أن القطب الشمالي أصبح جنوبيًّا والعكس صحيح؟ هل سبق وأن حدثت مثل تلك الظاهرة الغريبة سابقًا بالفعل!؟ قبل الإجابة على هذه الأسئلة، دعونا نتعرف عن كُثبٍ على المجال المغناطيسي لكوكب الأرض، وطبيعة التغيُّرات التي قد تطرأ عليه مما يؤدي إلى تبدل اقطاب الأرض المغناطيسية.

تعريف المجال المغناطيسي

المجال المغناطيسي للأرض هو عبارةٌ عن طبقةٍ غير مرئيةٍ من الشحنة الكهربائية التي تحيط بكوكبنا، يساهم هذا المجال في تأمين الحياة على كوكب الأرض؛ إذ أنه يحمينا من تأثير الجسيمات المشحونة التي تطلقها الشمس وتُعرف بالرياح الشمسية (Solar Winds).بدون تلك الطبقة الواقية، سوف تعمل هذه الجسيمات على إزالة طبقة الأوزون ، والتي تعد بمثابة خط الدفاع الأول والوحيد ضد الأشعة فوق البنفسجية الضارة، يعتقد العلماء أن نواة أو لب الأرض (Earth’s Core) هو المسؤول عن توليد حقلها المغناطيسي؛ حيث يخلق الحديد المنصهر الذي يدور في اللب الخارجي للأرض، تيارات الحمل الحراري (Convection Currents)، والتي تعمل على توليد تياراتٍ كهربائيةٍ تخلق هي الأخرى المجال المغناطيسي في عمليةٍ طبيعيةٍ تُعرف بالجيودينامو (Geodynamo).[1]

تاريخ حدوث تبدُّل أقطاب الأرض المغناطيسية

حدث تبدل اقطاب الأرض المغناطيسية الأخير منذ زمنٍ سحيقٍ قبل أن يستطيع البشر تسجيل هذا الحدث، إلّا أنّ عمليات التنقيب والبحث القائمة على حمم اللافا القديمة قد ساعدت العلماء بشكلٍ كبيرٍ في تقدير مدة تلك الظاهرة الفريدة. اعتمد فريقٌ من الباحثين على التسجيلات البركانية لدراسة آخر انعكاسٍ مغناطيسيٍّ يحدث لأقطاب الأرض، وتبين أنه كان منذ حوالي 780000 سنة مضت، واكتشفوا أن هذا الانعكاس قد استغرق مدةً زمنيةً أطول بكثيرٍ مما اعتقد الباحثون سابقًا، وهذا ما أقرّ به العلماء في دراسةٍ حديثةٍ.شهد المجال المغناطيسي للأرض عشرات التبدُّلات في آخر 2.5 مليون سنة، حيث أصبح الشمال جنوبًا والعكس صحيح. تمكن العلماء من تحديد الحقبة الزمنية التي شهدت آخر انعكاسٍ موضحين أنها كانت في العصر الحجري، ولكنهم لا يمتلكون المعلومات الكافية المؤهلة لمعرفة المدة الزمنية التي استغرقها الانعكاس أو متى سوف يكون التبدُّل المُقبِل.طبقًا للدراسة الجديدة، اعتمد العلماء على مجموعةٍ من الأحجار والصخور التي يعود تاريخها إلى العصر الحجري حتى يتمكنوا من معرفة المدة الزمنية التي استغرقها الانعكاس بدقةٍ، وبهذه الطريقة، قدروا آخر انعكاسٍ على أنه استمر لمدة 22000 عام، الفترة التي كانت أطول بكثيرٍ من التقديرات السابقة التي رجحت استمراريته لمدة 1000 إلى 10000 عامٍ.[2]

سبب تبدل اقطاب الأرض المغناطيسية

الأرض في حركةٍ مستمرةٍ غير مستقرةٍ، وحتى الآن يشهد المجال المغناطيسي تغيُّرًا متسارعًا، فمنذ تسعينيات القرن الماضي، حقق القطب المغناطيسي الشمالي قفزةً مفاجئةً نحو سيبيريا حيث أُزيح بمقدار 35 ميلًا (55 كم) سنويًّا طبقًا لدراسةٍ نُشرت في مجلة Nature العام الماضي. قد تكون الاضطرابات الواقعة في الصهارة المعدنية المتدفقة في اللب الخارجي للأرض هي سبب عدم الاستقرار في المجال المغناطيسي الذي بدوره قد يؤدي إلى مثل هذه التغيّرات في القطب الشمالي، وبالتالي حدوث تبدّلاتٍ في الأقطاب المغناطيسية على المدى البعيد، وقد تتسبب حركة الحديد السائل في عمق الأراضي الكندية في إضعاف المجال المغناطيسي قليلًا في ذلك الموقع، مما يسمح للقطب المغناطيسي الشمالي بالتحرّك نحو سيبيريا. لا يتوقف الأمر على القطب الشمالي فقط، بل يمكن ملاحظة تشوهات كهرومغناطيسية أخرى في جميع أنحاء العالم، كما هو الحال في جنوب إفريقيا؛ حيث يحدث اضطراب للمجال المغناطيسي في هذه البقعة، وقد يكون ذلك ناجمًا عن جزءٍ عالي الكثافة من طبقة الوشاح (Mantle) الواقعة بالقرب من الحدود مع اللب الخارجي السائل لكوكب الأرض.[3]

موعد تبدل اقطاب الأرض المغناطيسية القادم

منذ اختراع مقياس المغناطيسية (Magnetometer) في ثلاثينيات القرن التاسع عشر، انخفض متوسط شدة المجال المغناطيسي للأرض بمقدار 10% تقريبًا، نحن نعلم من السجلات المغناطيسية القديمة (Paleomagnetic) أن شدة المجال المغناطيسي تنخفض بما يصل إلى 90% على سطح الأرض أثناء تبدل اقطاب الأرض المغناطيسية، واللافت للانتباه أن نفس السجلات المغناطيسية قد أظهرت احتمالية حدوث اختلافٍ ملحوظٍ في شدة المجال على ألّا يتسبب ذلك في أي انعكاسٍ في الأقطاب المغناطيسية، أي أنه ليس هناك علاقة مشروطة بين اختلاف شدة المجال والحدوث الحتمي للانعكاس المغناطيسي. الجدير بالذكر أن الانخفاض في شدة المجال لا يعني أن ثمة شيئًا خارق للطبيعة على وشك الحدوث، فبما لدينا من معطياتٍ عن حالة المجال المغناطيسي للأرض يمكننا التنبؤ بأن المجال سيُصبح أقوى مما هو عليه الآن في فترةٍ ما في المستقبل غير البعيد. على الرغم من السجلات الجيولوجية والمغناطيسية التي أتاحت لنا معرفة المزيد عن طبيعة المجال المغناطيسي لكوكبنا، إلّا أنّ توقّع موعد الانعكاس القادم ليس بالأمر الهين، فعملية الانعكاس غير لحظيةٍ إطلاقًا، وتتطلب فترةً زمنيةً تتراوح بين مئات إلى آلاف السنين حتى تتم، ولن نتمكن من معرفة أن عملية التبدُّل جارية حتى ينتهي نصفها على الأقل لتكون قد قطعت شوطًا كبيرًا يهييء لنا التنبؤ بتبعاته.[4]

المراجع