جليد الهيدروجين؟ قد يفسر مكون مجهول غرابة "أومواموا"

معلومات عامة  -  بواسطة:   اخر تحديث:  12-06-2020
جليد الهيدروجين؟ قد يفسر مكون مجهول غرابة "أومواموا"

زعمت دراسة جديدة أن غرابة أول زائر بين نجمي interstellar معروف لنظامنا الشمسي تعود إلى تركيبته الفريدة من نوعها.
يتمثل هذا الجسم في أومواموا 'Oumuamua، الذي جاء بجوار الأرض في خريف سنة 2017، وهو يتجه الآن نحو الأعماق المظلمة للنظام الشمسي الخارجي the outer solar system. أثار الجسم الدخيل حيرة الباحثين بعد مدة وجيزة من اكتشافه، ولا يزال الغموض يحوم حوله.
تتعدد أوجه غرابة أومواموا، فقد كان يتخذ في البداية شكل سيجار أو فطيرة، وذلك حتمًا ليس اعتياديًا بالنسبة للصخور الفضائية التي عهدها علماء الفلك.
أظهر أومواموا كذلك تسارعًا غير ثقالي non-gravitational acceleration، وهي حركة لم تسببها قوة جذب الشمس، أو أي جسم كوني كبير آخر. تظهر المذنبات Comets عادةً حركات مماثلة أثناء سخوتنها وتبدأ بلفظ الشظايا، لكن أومواموا لم يمتلك ذيل مذنبٍ أو ذوابةً coma قطُّ على حد معرفة الباحثين.
إن عملية رصد أومواموا هي في الأصل غريبة قليلًا نظرًا لاتساع الكون وعدم اكتمال عمليات بحثنا عن الأجسام المماثلة حتى الآن. ترجح عملية الرصد أن تعداد الأجسام الشبيهة بأومواموا كبيرٌ جدًا، إلا إذا استهدف الجسم الزائر نظامنا الشمسي بشكل من الأشكال.
توجد حتمًا توقعات تشير إلى أن أومواموا قد يكون مركبةً فضائيةً. زعم آفي لواب Avi Loeb -رئيس قسم علم الفلك بجامعة هارفرد- أن الجسم الزائر قد يكون مسبار شراع شمسي، ولربما يكون متوقفًا. قال لواب: ''يجب على الأقل أن نُبقي أذهاننا مفتوحة لهذا الاحتمال''.
لم تأت الدراسة الجديدة على ذكر الفضائيين، غير أنها تشير حتمًا إلى كون أومواموا فريدًا من نوعه.
أفاد غريغ لوفلين Greg Laughlin -المشارك في الدراسة وأستاذ علم الفلك بجامعة ييل الواقعة في كنتيكت- في تصريحٍ له: ''لقد عرضنا احتمالية أنه متكوّن من جليد الهيدروجين. إن هذا نوع جديد من الأجرام، ولكن يبدو أننا سنشهد ظهور الكثير منها في المستقبل''.
قال كل من لوفلين و المؤلف الرئيسي للدراسة داريل سليغمان Daryl Seligman، (وهو خريج جامعة ييل ويدرس الآن بجامعة شيكاغو): ''إن الهيدروجين من أكثر المواد وفرةً في الكون، ولكننا لا نراه غالبًا في الحالة الصلبة، لأن ذلك يتطلب درجة حرارة منخفضة جدًا، ولكن درجات حرارة كتلك توجد في النوى الأشد برودةً للسحب الجزيئية العملاقة التي تمثل الحاضنة المسؤولة عن تكوّن النجوم والأنظمة الكوكبية التابعة لها".
يقترح عمل النمذجة الذي أنجزه الثنائي أن بإمكان الأجسام الغنية بجليد الهيدروجين أن تتشكل في هذه النوى، وبأن الأجسام المماثلة كانت ستتصرف مثل أومواموا عند سفرها عبر النظام الشمسي الداخلي.
قال لوفلين: ''عندما عبر أومواموا بالقرب من الشمس و اكتسب دفأها، غلى الهيدروجين الذائب عبر السطح الجليدي، مما أنتج السرعة المرصودة، وغربل أومواموا ليتخذ شكله الغريب الممدود (تمامًا كما يتحول لوح صابون إلى شريحة صغيرة بعد عدة استعمالات)''.
إذا ثبت أنه وسليغمان على صواب فإن مثل هذه ''المذنبات الهيدروجينية'' موجودة بكثرة، و قد تؤدي دراستها إلى إلقاء الضوء على كيفية تشكل النجوم والكواكب.
قال لوفلين: "قد يمثل ظهورها فحصًا دقيقًا للظروف في التجاويف المظلمة للسحب المكوِّنة للنجوم، وقد يوفر دليلًا مهمًا جديدًا لفهم المراحل الأولية في مسار تشكل النجوم والكواكب التابعة لها، والذي لا يزال غامضًا إلي حد الآن.''
تمت الموافقة على نشر الدراسة الجديدة في مجلة The Astrophysical Journal Letters، بإمكانك قراءة النسخة الأولية بصفة مجانية على arXiv.org.
لن تكون هذه الدراسة الأخيرة المتعلقة بأومواموا، فهناك فرضيات أخرى محتملة تفسر غرابته على غرار فرضية الكائنات الفضائية مثلًا، ونظرية أخرى أكثر تبلورًا تزعم أن أومواموا هو جزء من جسم أكبر تحطم إلى أجزاء خلال تحليقه بالقرب من نجمه الأصلي.
لقد مرت مدة طويلة منذ اختفاء أومواموا عن مرأى علماء الفلك، لكن الباحثين يأملون رصد أجسام عديدة مشابهة له في المستقبل القريب، خصوصًا بعد بدء اشتغال مرصد المسح الشامل الكبير Vera C. Rubin Observatory في تشيلي.
يبلغ عدد الأجرام بين النجمية الزائرة إلى حد الآن اثنين، وذلك بعد رصد جسم يُدعى ''مذنب بروريسوف'' Comet Borisov في شهر أغسطس/آب من سنة 2019. لا يعتبر بروريسوف بمثل غرابة أومواموا، فهو مذنب بصفة لا تترك مجالًا للشك.