سيكولوجية الفيسبوك: الأسباب التي تدفعنا لاستخدامه والنشر عليه والإعجاب بالمحتوى أو تجاهله

معلومات عامة  -  بواسطة:   اخر تحديث:  2020/11/13
سيكولوجية الفيسبوك: الأسباب التي تدفعنا لاستخدامه والنشر عليه والإعجاب بالمحتوى أو تجاهله

طالما أنك معنا هنا على الفيسبوك، إذًا، لا بدّ وأنك تساءلت قبلًا لماذا يبدو جارك وزوجته اللذان لا يطيقان بعضهما، متيمين بالحب على الفيسبوك؟ أو لماذا يشارك بعض الناس صور أطفالهم بكثرة على الموقع، بينما يشاركنا بعضهم الآخر إنجازاتهم خطوةً بخطوة، في حين لا تنفك تضع “أحزنني” على منشورات صديقتك المليئة بالأسى والدراما! أو هل سبق وتساءلت لماذا ينال منشور عاديٌّ عن يوميات أحدهم كمًا هائلًا من “الإعجابات”، في حين أنّ مقالًا علميًا كبيرًا لا ينال أكثر من 5 إعجابات وأحدها لكاتب المقال؟!


سنتحدث في هذا المقال عن سيكولوجية الفيسبوك، ونلقي الضوء على الأسباب النفسية التي تدفعنا لاستخدام هذا الموقع، والدوافع الكامنة وراء خلق هوية فيسبوكية لا تشبه الشخصية الحقيقية للفرد، كما سنتكلم عن الخصائص النفسية التي تجعل الناس المختلفة تنشر مواضيع مختلفة، بالإضافة إلى الأسباب التي تجعلنا نضغط أو لا نضغط على “الإعجاب”.


لماذا نستخدم الفيسبوك؟


لماذا لا نستطيع مقاومة استخدام الفيسبوك، ما الذي يعيدنا إليه بعد كلّ مرة نغلقه! في محاولةٍ لفهم هذه النقطة من سيكولوجية الفيسبوك، نفّذ الخبراء مراجعة منهجية وبحثًا شاملًا في الأوراق البحثية المتعلقة بالعوامل النفسية التي تدفع الناس إلى استخدام هذا الموقع، باستخدام PubMed و PsycInfo ومكتبة Cochrane، وخلِصوا إلى أنّ استخدام فيسبوك يكون بدافع حاجتين اجتماعيتين أساسيتين هما:


  1. الحاجة إلى الانتماء: وهي نزعة داخلية جوهرية للانتماء إلى الآخرين وكسب القبول الاجتماعي.

  2. الحاجة إلى عرض وتقديم الذات: وهي تشير إلى العملية المستمرة لإدارة الانطباع.

الحاجة إلى الانتماء:


كما هو معروف، يعتمد الإنسان بشكلٍ كبير على الدعم الاجتماعي الذي يقدّمه له الآخرون. كما في المقابل، يمكن للنبذ المجتمعي أن يؤثّر سلبًا على العديد من المتغيرات المتعلقة بالصحة النفسية، بما في ذلك احترام الذات والشعور بالانتماء، السلامة العاطفية، الإحساس بمعنى الحياة والهدف منها، الكفاءة الذاتية، تقدير الذات.


سيكولوجية الفيسبوك: الأسباب التي تدفعنا لاستخدامه والنشر عليه والإعجاب بالمحتوى أو تجاهله


إذ يرتبط تقدير واحترام الذات ارتباطًا وثيقًا بالحاجة إلى الانتماء، بل يمكن القول إنّ تقدير الذات قد يعمل كمقياس اجتماعي، يحدد مدى قبول الفرد في المجموعة. بمعنى آخر، إنّ الانخفاض في تقدير الذات يعمل كإشارةٍ تنذر بالاستبعاد الاجتماعي المحتمل، ويحفّز الفرد على اتخاذ الخطوات اللازمة لتجنب الرفض، وتحسين مكانته في التسلسل الهرمي الاجتماعي.


وقد أشارت العديد من الأدلة إلى أنّ استخدام الفيسبوك يحسّن احترام الذات، ويعزز الرفاهية العاطفية من خلال زيادة الشعور بالانتماء، بحيث تكون هذه الحاجة مدفوعةً إلى حدٍّ ما نتيجة دوافع اجتماعية وديموغرافية وثقافية، وهذا يعني أنّ استخدام فيسبوك يختلف باختلاف المجتمعات.


على سبيل المثال، أجمع مستخدمو فيسبوك في المملكة المتحدة على أنّ الميزة الأكثر أهمية في الشبكة الاجتماعية هي “مجموعات فيسبوك”، في حين صنّف المستخدمون الإيطاليون كلًّا من المجموعات والألعاب والتطبيقات على أنها الأكثر الأهمية، كما اعتبر الفرنسيون أنّ تحديثات الحالة والصور الفوتوغرافية قليلة الأهمية مقارنةً بالمستخدمين الأمريكان. وبشكل عامٍ، وُجِد أنّ الإناث والأقليات العرقية تميل في كثير من الأحيان إلى استخدام الفيسبوك أكثر من الذكور أو القوقازيين مثلًا في بعض الدراسات.


إذًا، فإنّ المجتمعات تختلف عن بعضها في كثيرٍ من الجوانب، وهذا ما سينعكس على الاختلاف في استخدام فيسبوك كمحاولةٍ للشعور بالانتماء في كلٍّ منها. ومن إحدى هذه الجوانب، هناك المجتمعات ذي النزعة الفردية والمجتمعات الجماعية.


حيث تركّز المجتمعات الجماعية على الترابط بين أعضائها، وتعطي الأولوية القصوى للانسجام داخل المجموعة، وتعتبَر المكاسب الفردية فيها أقل أهمية مقارنة بتحسين المجموعة الاجتماعية بشكل أوسع. بالإضافة إلى اعتماد الناس في هذه المجتمعات في كثير من الأحيان على الأعراف الاجتماعية، لتقرر فيما إذا كان ينبغي عليها الشعور بالرضا، بالتالي فهي تحتاج لأن تأخذ بعين الاعتبار تقييمات العائلة والأصدقاء كي تقيّم حياتها.


كما أنّ الناس في المجتمعات الجماعية أكثر عرضةً للبقاء في الزيجات والوظائف التي قد يعتبرونها غير سعيدة، وهذا محتمل كونهم يميلون للامتثال للأعراف الاجتماعية، أو قد يكون نتيجة أنّ الأشخاص في حالات الزواج والوظائف المضطربة أكثر عرضةً للحصول على الدعم الاجتماعي من الآخرين. أما في المجتمعات الفردية، فإنّ الإنجازات الفردية والنجاح الشخصي هو ما يحظى بالثواب الأكبر والإعجاب الاجتماعي، بالإضافة إلى أنّ المشاعر والأفكار الفردية هي من يحدد السلوك داخل هذه المجتمعات.


لذلك يفترض الباحثون أنّ استخدام فيسبوك سيخدم غرضًا مختلفًا في هذه المجتمعات المختلفة؛ إذ وجِد أنّ أعضاء المجتمعات الفردية هم أكثر ميلًا لمشاركة المعلومات الخاصة مع أصدقائهم في فيسبوك، أي أكثر ميلًا لعرض الذات، وأكثر عرضةً لإثارة المواضيع المثيرة للجدل مقارنةً بالمستخدمين من المجتمعات الجماعية. في حين أنّ فيسبوك يعمل بمثابة نظام دعمٍ للأفراد في المجتمعات الجماعية، والذين يميلون غالبًا لتشكيل دائرة مغلقة من الأصدقاء، ويحصلون في أغلب الأحيان على تفاعل كبير.