قصة سيّدنا نوح
بعثة نوح عليه السلام
بعث الله -تعالى- نوحاً -عليه السلام- إلى قومه بعد أن ظهرت فيهم الضلالات، والجحود بالله، فكان أوّل رسول يرسله الله إلى الناس في الأرض، وقد جاء عن ابن جبير، وغيره أنّ قوم نوح كان اسمهم بنو راسب،
دعوة سيّدنا نوح
بدأ نوح -عليه السلام- بعثته بدعوة قومه إلى الإيمان بالله، والتوحيد، وإفراد العبادة لله -تعالى- وحده، وذكر لهم فائدة اتِّباع أمره، وطاعته في غفران ذنوبهم، قال -تعالى- على لسان نبيّه: (يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ)،
دعا نوح قومه سِرّاً فيما بينه وبينهم، كما دعاهم عَلناً بصوت مرتفع، وأمرهم باستغفار الله -تعالى-، وذكّرهم بعاقبة التائبين المُستغفِرين حينما يرسل الله عليهم السماءَ مُتتابِعةً بالرزق الوفير، ويُمدِدهم بالأموال، والبنين، ويُصيِّر أرضَهم جنّات، وأنهاراً، قال -تعالى-: (ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا*ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا*فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا*يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا)،
وقد أكّدت قصّة نوح -عليه السلام- على أنّ النَّسب والقرابة والرابطة الزوجيّة لا تشفع لصاحبها إذا أصرّ على الكفر بالله -تعالى- والصّد عن سبيله؛ فقد ضرب الله -جلّ وعلا- في كتابه العزيز مَثلاً للذين كفروا، فقال:(ضَرَبَ اللَّـهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّـهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ)؛
السفينة معجزة سيدنا نوح
يُجري الله -تعالى- المعجزات على أيدي أنبيائه، ورُسُله؛ تأييداً لهم في دعواهم أمام أقوامهم؛ والمعجزة هي أمر خارق للعادة، تخترق قوانين الكون، وتجري بغير ما أَلِفَته النّفوس، وتكون المعجزة مُقترِنة بالتحدّي، وتستحيل معارضتها بالإتيان بمثلها،
ويُشار إلى أنّ سفينة نوح -عليه السلام- كانت مصنوعة من الأخشاب، قال -تعالى-: (وَحَمَلْنَاهُ عَلَىٰ ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ)؛
وتجدر الإشارة إلى أنّ زوجة نوح، وابنه كانا ممّن تخلَّف عن ركوب السفينة؛ بسبب كُفرهم، وعصيانهم لنبيّهم؛
عقوبة قوم نوح
كانت عقوبة قوم نوح الذين كفروا الغرقَ بالطوفان؛ بسبب خطاياهم، ثمّ عقوبة النار في الآخرة، قال -تعالى-: (مِّمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا فَلَمْ يَجِدُوا لَهُم مِّن دُونِ اللَّهِ أَنصَارًا )،
العِبَر المُستفادة من قصّة سيّدنا نوح
تُستَفاد من قصّة نوح -عليه السلام- العديد من العِبر، والعِظات، منها ما يأتي:
- اتِّفاق الأنبياء، والرُّسل على الدعوة إلى الأصل الأساسيّ من أصول الإيمان، وهو توحيد الله -تعالى-، ونَبذ الشرك، قال -تعالى-: (قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ).
[22] - ضرورة استنفاد الأساليب جميعها في الدعوة إلى دين الله؛ فقد استخدم نبيّ الله نوح -عليه السلام- عدّة أساليب مُتنوّعة في دعوة قومه؛ أملاً في جَذب قلوبهم للإيمان، ومن ذلك: الدعوة إلى الله سرّاً وجَهراً، ليلاً ونهاراً، واستخدام أسلوب الترغيب عند التذكير بالثواب العاجل والآجل لمَن يُؤمن بالله، وذِكر أنواع هذا الثواب، ومنه إرسال المطر، والزيادة في المال والبنين، كما ورد استخدام أسلوب الترهيب؛ وذلك بالتذكير بعقاب الله لمَن عَصاه، مع إقامة البراهين على صِدق الدعوة والرسالة.
- بيان حقيقة الإخلاص التامّ لله -تعالى- عند الأنبياء والمُرسلين، وتتجلّى هذه الفضيلة في عبوديّتهم لله، وفي دعوتهم لأقوامهم، وصَبرهم على ذلك، قال -تعالى-: (وَيَا قَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالًا ۖ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّه).
[23] - فضيلة ذِكر الله -تعالى-، وحمده، والاستعانة به في حركات الإنسان، وتقلُّباته جميعها، قال -تعالى-: (وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا)،
[24] وكذلك سؤال الله البركة عند نزول الأماكن، ودخول المساكن، قال -تعالى-: (وَقُل رَّبِّ أَنزِلْنِي مُنزَلًا مُّبَارَكًا وَأَنتَ خَيْرُ الْمُنزِلِينَ ).[25] - بيان فضيلة الصبر؛ فقد صبر نوح -عليه السلام- في دعوته حينما لَبِث في قومه ألف سنة إلّا خمسين عاماً.
للمزيد من التفاصيل عن سيدنا نوح -عليه السلام- الاطّلاع على مقالة: ((بحث عن سيدنا نوح عليه السلام)).
المراجع
- 1 - ابن كثير (1988)، <i> " قصص الأنبياء " , (الطبعة 3)، السعودية : مكتبة الطالب الجامعي ، صفحة 83،84 , ابن كثير (1988)، .
- 2 - سورة نوح ، آية: 23. .
- 3 - د.أمين بن عبد الله الشقاوي (2018-6-22)، " نبي الله نوح عليه السلام " , www.alukah.net , د.أمين بن عبد الله الشقاوي ( .
- 4 - سورة نوح، آية: 4. .
- 5 - سورة نوح، آية: 5،6،7. .
- 6 - الإمام أبو جعفر الطبري ، <i> " تفسير الطبري جامع البيان " , ، صفحة 288-452،309-453، 416-425، جزء 14،23 , الإمام أبو جعفر الطبري ، .
- 7 - سورة نوح ، آية: 8-11. .
- 8 - سورة نوح، آية: 24. .
- 9 - سورة نوح، آية: 26. .
- 10 - سورة التحريم، آية: 10. .
- 11 - وهبة الزحيلي (1422 هـ)، <i> " التفسير الوسيط " , (الطبعة الأولى)، دمشق: دار الفكر، صفحة 2694، جزء 3 , وهبة الزحيلي (1422 هـ)، .
- 12 - سيد مبارك ، <i> " معجزات الأنبياء والمرسلين " , ، مصر : المكتبة المحمودية ، صفحة 6،14،15،16،17 , سيد مبارك ، .
- 13 - أبو جعفر الطبري ، <i> " تاريخ الطبري " , ، صفحة 186،187، جزء 1 , أبو جعفر الطبري ، .
- 14 - تفسير: (وهي تجري بهم في موج كالجبال ونادى نوح ابنه وكان في معزل يابني اركب معنا ولا تكن مع الكافرين) , www.alukah.net , 20-11-2017، 14-1-2020. بتصرّف. .
- 15 - سورة القمر ، آية: 13. .
- 16 - سورة هود ، آية: 38. .
- 17 - أحمد حطيبة ، <i> " تفسير أحمد حطيبة " , ، صفحة 5-6، جزء 49 , أحمد حطيبة ، .
- 18 - مجموعة من المؤلفين ، <i> " التفسير الوسيط " , ، صفحة 196،197، جزء 4 , مجموعة من المؤلفين ، .
- 19 - سورة نوح ، آية: 25. .
- 20 - جلال الدين المحلي ، <i> " تفسير الجلالين " , ، صفحة 290 , جلال الدين المحلي ، .
- 21 - د.أمين بن عبد الله الشقاوي (2018-6-24)، " فوائد من قصة نوح عليه السلام " , www.alukah.net , د.أمين بن عبد الله الشقاوي ( .
- 22 - سورة الأعراف ، آية: 65. .
- 23 - سورة هود، آية: 29. .
- 24 - سورة هود، آية: 41. .
- 25 - سورة المؤمنون ، آية: 29. .