أقسام الذنوب
يُطلَق الذنب شرعاً على كلّ ما فيه مُخالَفةٌ، أو عصيانٌ لأوامر الله -تعالى-، أو ما فيه ارتكابٌ لِما نهى عنه، وتُقسَم الذنوب إلى صغائر، وكبائر، وبيانها فيما يأتي:
الصغائر
الصغائر جمع صغيرةٍ، وهي: كلّ ذنبٍ لم يُرتّب الشّرع على فعله حَدٌّ في الدنيا، ولا وعيدٌ في الآخرة، وقد عرّفها ابن النّجار بأنّها: كلّ فعلٍ مُحرَّمٍ يرتكبه المسلم، أو قولٍ يصدر منه، وليس من الأمور التي ورد فيها حَدٌّ، أو عقوبةٌ في الآخرة، وعرَّفها أيضاً شيخ الإسلام ابن تيمية بأنّها: الذنوب المُرتكَبة دون ترتُّب حَدٍّ عليها في الدنيا، أو الآخرة.
الكبائر
تُعرَّف الكبائر بأنّها: كلّ ذنبٍ يرتكبه العبد، ويترتّب عليه بسببه وعيدٌ شديدٌ ثبت بكلام الله -تعالى-، أو بسُنّة النبيّ محمدٍ -صلّى الله عليه وسلّم-، وقد عرَّفَ بعض أهل العلم الكبيرة بأنّها: كلّ ذنبٍ قُرِنَ ذِكره بنارٍ، أو غضبٍ من الله -تعالى-، أو لعنةٍ، أو عذابٍ، أو حَدٍّ، أو نتجت عنه العديد من المفاسد،
كيفيّة التوبة من الكبائر
التوبة شرعاً تُطلَق على الرجوع إلى الله -عزّ وجلّ-، وسلوك الطريق الذي أمر الله به، ومن تعريفاتها عند أهل العلم: تَرك الأفعال المذمومة، وإبدالها بالأفعال المحمودة، بمختلف الطرق المشروعة، وعرّفها الإمام الغزاليّ -رحمه الله- بأنّها: الرجوع إلى الله -تعالى- الذي يعلم الغيب، ويستر العيوب.
وتتحقّق التوبة من الذنوب بمجملها؛ بالرجوع والإقلاع التامّ عن ارتكابها، وعقد العزم والإصرار على عدم العودة إليها مرّةً أخرى بعد التوبة، والندم على ما مضى من الوقوع في الذنب والابتعاد عن الطاعات والعبادات،
كما يُستحَبّ للمسلم إن تاب إلى الله من ذنبٍ ما؛ سواءً أكان من الصغائر، أم الكبائر، أن يُؤدّي صلاة التوبة؛ وتكون بأداء ركعتَين عند التوبة من الذنب، ولا يُشترَط أن تكون بعد الذنب مباشرةً؛ ويُستدَلّ على استحبابها بقول الرسول -صلّى الله عليه وسلّم-: (ما مِن عبدٍ مؤمنٍ يُذنِبُ ذَنبًا فيَتوضَّأُ فَيُحسِنُ الطُّهورَ، ثمَّ يصلِّي رَكْعتينِ فيستَغفرُ اللَّهَ تعالى إلَّا غَفرَ اللَّهُ لَهُ ثمَّ تلا وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ)،
تكفير الكبائر
لا تُكفَّر الكبائر إلّا بالتوبة، بخِلاف الصغائر التي تُكفَّر بعدّة طرقٍ، كالصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، وغيرهما من الطرق، وتجدر الإشارة إلى أنّ النصوص الشرعية الواردة في القرآن الكريم، والسنّة النبويّة في بيان تكفير الذنوب ببعض الأعمال الصالحة لا تشمل إلّا الصغائر دون الكبائر، كما رواه الإمام مسلم في صحيحه عن الصحابي عثمان بن عفان -رضي الله عنه- أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: (مَن تَوَضَّأَ نَحْوَ وُضُوئِي هذا ثُمَّ قامَ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ لا يُحَدِّثُ فِيهِما نَفْسَهُ غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ)،
فضائل التوبة
تترتَّب على التوبة العديد من الفضائل العائدة على التائب في الدنيا، والآخرة، وفيما يأتي بيانٌ لبعضها:
- رحمةٌ من الله -تعالى- بعباده؛ إذ إنّ الله يفرح بتوبة عباده، كما بيّن ذلك النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- في العديد من الأحاديث، منها قوله: (لَلَّهُ أفْرَحُ بتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِن رَجُلٍ نَزَلَ مَنْزِلًا وبِهِ مَهْلَكَةٌ، ومعهُ راحِلَتُهُ، عليها طَعامُهُ وشَرابُهُ، فَوَضَعَ رَأْسَهُ فَنامَ نَوْمَةً، فاسْتَيْقَظَ وقدْ ذَهَبَتْ راحِلَتُهُ، حتَّى إذا اشْتَدَّ عليه الحَرُّ والعَطَشُ أوْ ما شاءَ اللَّهُ، قالَ: أرْجِعُ إلى مَكانِي، فَرَجَعَ فَنامَ نَوْمَةً، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، فإذا راحِلَتُهُ عِنْدَهُ).
[15] - النجاة من عذاب الله -سبحانه-، ونَيل رحمته وفضله.
- تكفير الذنوب والسيّئات، والاستعداد للقاء الله -سبحانه- يوم القيامة؛ بالخُلوّ من الذنوب، والمعاصي.
- نَيل التائب الصادق العديد من النِّعَم والخير من الله -تعالى-، بالإضافة إلى الفلاح والتوفيق منه.
- نَيل مَحبّة الله -عزّ وجلّ-.
- التخلُّص من وساوس الشيطان، والتغلُّب على كَيده ومَكرِه.
للمزيد من التفاصيل عن التوبة الاطّلاع على المقالات الآتية:
المراجع
- 1 - أبو حامد الغزالي (1986)، <i> " التوبة إلى الله ومكفرات الذنوب " , ، القاهرة: مكتبة القرآن، صفحة 56-66 , أبو حامد الغزالي (1986)، .
- 2 - تعريف الصغائر , www.dorar.net , 14-1-2020. بتصرّف. .
- 3 - حاتم رجا عودة (2007)، <i> " الاستغفار في الكتاب والسنة " , ، صفحة 67-68 , حاتم رجا عودة (2007)، .
- 4 - رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 2766، صحيح. .
- 5 - شمس الدين الذهبي، <i> " الكبائر " , ، صفحة 8 , شمس الدين الذهبي، .
- 6 - حاتم رجا عودة (2007)، <i> " الاستغفار في الكتاب والسنة " , ، صفحة 68-69 , حاتم رجا عودة (2007)، .
- 7 - تقي الدين ابن تيمية (1994)، <i> " التوبة والاستغفار " , (الطبعة الأولى)، بيروت: دار الكتاب العربي، صفحة 7 , تقي الدين ابن تيمية (1994)، .
- 8 - محمد متولي الشعراوي (2001)، <i> " التوبة " , (الطبعة الأولى)، القاهرة: مكتبة التراث الإسلامي، صفحة , محمد متولي الشعراوي (2001)، .
- 9 - صالح بن غانم السدلان (1416هــ)، <i> " التوبة إلى الله معناها. حقيقتها. فضلها. شروطها " , (الطبعة الرابعة)، الرياض: دار بلنسية للنشر، صفحة 39-44 , صالح بن غانم السدلان (1416هــ .
- 10 - رواه أحمد بن حنبل، في مسند أحمد، عن أسماء بن الحكم الفزاري، الصفحة أو الرقم: 1/46، إسناده صحيح. .
- 11 - صلاة التوبة , ar.islamway.net , 2018-05-01، 15-2-2020. بتصرّف. .
- 12 - رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عثمان بن عفان، الصفحة أو الرقم: 226، صحيح. .
- 13 - حاتم رجا عودة (2007)، <i> " الاستغفار في الكتاب والسنة " , ، صفحة 96-97 , حاتم رجا عودة (2007)، .
- 14 - أحمد محمود أزهري، <i> " التوبة التوبة قبل الحسرات " , ، الرياض: دار ابن خزيمة، صفحة 21-25 , أحمد محمود أزهري، .
- 15 - رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 6308، صحيح. .