ما هو انفصام الشخصية

معلومات عامة  -  بواسطة:   اخر تحديث:  ١٢:٢٠ ، ٧ يوليو ٢٠٢٠
ما هو انفصام الشخصية

الشيزوفرينيا أو انفصام الشخصية

تُعّرف الشيزوفرينيا، أو الفصام، أو الفُصام العقلي، أو السكيزوفرينيا، أو السكيتسوفرينيا (بالإنجليزية: Schizophrenia) بأنه اضطراب نفسي مزمن يفسّر فيه المصاب الواقع بشكل غير طبيعي، وتسبب الإصابة بفصام الشخصية الهلوسة، وحدوث مشاكل في التركيز، والتفكير، وطريقة التعبير عن المشاعر، بالإضافة لفقدان الدوافع، مما يؤثر سلباً في حياة المصاب، وحقيقة من الممكن أن يُسبب الفصام ما يُعرف بالذهان (بالإنجليزية: Psychosis) الذي يتمثل بفقدان المصاب القدرة على التمييز بين ما هو حقيقي وما هو من محض أوهامه وخيالاته، وفي سياق الحديث عن الذهان يجدر بيان أنّ نوبة الذهان التي يُعاني منها المصاب تتمثل بحدوث تغيرات مفاجئة على صعيد الشخصية والتصرفات، وحقيقةً تختلف حدة فصام الشخصية من شخص لآخر، فقد يصاب بعض الأشخاص بنوبة ذهانية واحدة فقط، وقد يعاني البعض الآخر من أكثر من نوبة ذهانية خلال حياتهم، لكنهم يعيشون حياة طبيعية بين النوبة والأخرى، وفي ظل هذا الكلام يُشار إلى أنّ الفصام على الرغم من اعتباره مرضًا مزمنًا، إلا أنّ المصاب يمرّ بمراحل من التعافي بين الانتكاسة والأخرى، ويوجد عدد من العلاجات الفعالة التي يمكن من خلالها السيطرة على نوبات انتكاس المرض، والتقليل من فرصة حدوث الانتكاسات مستقبلًا.[1] وقد يساعد العلاج المبكر على السيطرة على الأعراض قبل ظهور المضاعفات.[2]

تُقدر نسبة الإصابة بالفصام على مستوى العالم بـ1%،[3] وفي الحقيقة فإنّ معدل الإصابة بين الذكور والإناث مُتساوي إلى حدٍّ ما، إلّا أنّه يختلف في وقت ظهور المرض، فيظهر لدى النّساء بين عمر 25-35 عامًا، أمّا الذكور فإنّ معظم الحالات تُشخّص قبل عمر 25 عامًا،[4] ومن النادر أن تظهر هذه النوبات في مرحلة الطفولة، ويُطلق مصطلح الذهان التخيلي (بالإنجليزية: Paraphrenia) على فصام الشخصية الذي يصيب الأشخاص في مراحل مبكرة أو متأخرة من الحياة.[3]

ومن الجدير بالذكر أن تفسير مصطلح الفصام يساعد على توضيح مجموعة من المفاهيم الخاطئة المنتشرة عن المصابين به، حيث إن فصام الشخصية لا يعد انقساماً أو تعدداً للشخصية، كما أن معظم المصابين ليسوا عنيفين أو خطرين، كما أنهم ليسوا بلا مأوى أو يعيشون في المستشفيات، حيث يعيش معظم المصابين مع العائلة أو في منازل جماعية أو حتى بمفردهم،[5]

علامات وأعراض الإصابة بالفصام

تختلف أعراض الإصابة بفصام الشخصية من شخص لآخر من حيث النمط والشدة، وقد تتغير الأعراض التي تظهر على المصاب مع مرور الوقت، وبالإضافة إلى ذلك لا يعاني المصابون من جميع الأعراض التي سيتم ذكرها فيما يأتي.[6]

العلامات والأعراض المبكرة


قد تظهر علامات الفصام بشكل مفاجئ عند البعض، أو قد تظهر بعض العلامات التحذيرية الخفيفة التي ترتبط بالإصابة بالفصام، والجدير بالعلم أنّ الفترة التي تفصل بين ظهور هذه الأعراض والعلامات البسيطة والذهان الحقيقي بشكله الواضح تُعرف بمرحلة البادرة (بالإنجليزية: Prodromal period)، وقد تكون تتراوح هذه المدة بين بضعة أيام إلى عدة سنوات، ومن هذه الأعراض والعلامات المبكرة نذكر الآتي:[6][1]
  • بالاكتئاب، والانعزال الاجتماعي.

  • إهمال النظافة الشخصية.

  • عدم القدر على البكاء، أو التعبير عن الفرح، أو الضحك.

  • كثرة النوم، أو الأرق.

  • ظهور تعابير غير عقلانية، بحيث يستخدم المصاب كلمات أو طريقة غريبة أثناء الكلام.

  • عدم القدرة على التركيز، وكثرة النسيان.

  • العدوانية، والتعامل مع الانتقادات بردات فعل شديدة، وكثرة الشكّ.


الأعراض الأخرى


يمكن تقسيم الأعراض التي قد تظهر على المصابين بالفصام كما يأتي:[1]

الأعراض الإيجابية


يُقصد بالأعراض الإيجابية تلك التي تظهر على المصاب دون وجود قاعدة واقعية لها، بمعنى أنّها لا علاقة لها بالواقع، ومن هذه الأعراض ما يأتي:[6]
  • الأوهام: (بالإنجليزية: Delusions) حيث يتمسك المصاب بأفكار معينة على الرغم من وجود أدلة تثبت خطأ هذه الفكرة، وغالباً ما تتضمن هذه الأوهام أفكارًا وخيالات غريبة وغير منطقية.

  • الهلوسة: وهي أحاسيس أو أصوات لا يدركها سوى المصاب، وقد تندرج هذه الهلوسات ضمن جميع الحواس، لكن الهلوسات السمعية مثل: سماع أصوات معينة، تعد الأكثر انتشاراً بين مرضى الفصام.

  • الكلام غير المنتظم: تؤدي الإصابة بفصام الشخصية إلى صعوبة التركيز على الأفكار والسيطرة عليها، مما ينعكس على طريقة الكلام التي يتحدث فيها المصاب، كالبدء بموضوع معين ثم الانتقال إلى مواضيع أخرى لا صلة لها، أو الرد بأجوبة غير منطقية على استفسارات معينة، والتحدث بشكل غير مترابط.

  • السلوك غير المنتظم: ويظهر ذلك على المصاب من خلال قلة الاعتناء بالنفس، والعمل، والتفاعل مع الآخرين.


الأعراض السلبية


ترتبط الأعراض السلبية باضطرابات المشاعر والسلوكيات الطبيعية، وتتضمن الآتي:[7]
  • انخفاض القدرة على التعبير عن المشاعر.

  • اللامبالاة، وهي فقدان الحماس والاهتمام فيما يدور حول المصاب.

  • قلة الرغبة في التحدث مع الآخرين.

  • صعوبة البدء في الأنشطة والمواظبة على ذلك.


الأعراض الإدراكية


قد تكون الأعراض الإدراكية لبعض المرضى غير ظاهرة، وقد تكون أعراضاً حادةً للبعض الأخر، وتتضمن الأعراض الإدراكية الآتي:[7]
  • حدوث اضطرابات في الذاكرة العاملة (بالإنجليزية: working memory)، حيث تقل القدرة على فهم الملعومات وتوظيفها لاتخاذ القرارات.

  • حدوث اضطرابات في التركيز.
ولمعرفة المزيد عن أعراض الفصام يمكن قراءة المقال الآتي: (ما هي أعراض انفصام الشخصية).

أسباب وعوامل خطر الإصابة بالفصام

في الحقيقة، لا تزال الأسباب الدقيقة التي تُفسر الإصابة بللفصام غير معروفةٍ إلى الآن، ولكن بعض الأبحاث تشير إلى أنّه توجد مجموعة من العوامل الوراثية بالإضافة إلى العوامل البيئية المختلفة التي تحفز إصابة الشخص بمرض الفصام،[8]، وفيما يأتي تفصيلٌ لأهم عوامل الخطر التي تزيد من فرص الإصابة بالفصام:[9][10]

  • العوامل الوراثية والجينية: يعتقد الأطباء أنّ حدوث تغيراتٍ أو طفراتٍ في الجينات قد يؤدي إلى زيادة احتمالية إصابة الشخص بالفصام، ولكن لا تُعزى الإصابة لاضطراب جين مُعيّن، وبشكلٍ عام فإنّ إصابة أحد أفراد الأسرة بالفصام تزيد من فرص إصابة الشخص بالمرض.

  • العوامل البيئية: يُمكن أن تُحفز العديد من العوامل الوراثية الإصابة بالفُصام، ومن هذه العوامل:
    • العدوى الفيروسيّة، وخاصةً العدوى التي لها تأثير على الدماغ، كتلك التي تُهاجم أجزاءً معينةً من الدماغ، أو التي تُؤثر في بعض النواقل العصبية فيه، أو التي تُحدث تُغيّراً في بعض العمليات الدماغية دون التسبب بموت خلايا الدماغ.

    • التعرّض للمواد السامة، مثل الرصاص والكحول.

  • تعاطي المواد المخدرة: قد يُحفز تعاطي بعض المخدرات ظهور أعراض مرض الفصام على الأشخاص الذين لديهم استعداد وراثيّ للمرض.

  • اضطرابات الدماغ: وُجد أن هناك اختلافات دقيقة في بُنية الدماغ لدى الأشخاص المُصابين بالفصام عن الناس السليمين، لكن يجدر التنويه إلى أنّ هذه الاختلافات ليست موجودة لدى جميع المصابين بالفصام، في المقابل يمكن أن تظهر لدى الأشخاص الذين لا يعانون من أيّة مشاكل نفسية، ولذلك يُعتقد أنّ هذه الاضطرابات تلعب دوءًا بسيطًا في الإصابة بالفصام.

  • مضاعفات الحمل والولادة: من المرجح أنّه توجد علاقة بين المشاكل والمضاعفات لتي طرأت على الجنين أثناء فترة الحمل والولادة وبين إصابته بالفُصام، كما يُعتقد بأن لهذه المضاعفات تأثيراً على تطور الدماغ، ومن الأمثلة عليها: انخفاض الوزن عند الولادة، والولادة المبكرة، ونقص الأكسجين أثناء الولادة.

  • الضغط والإجهاد: إذ تُعدّ الأحداث العاطفية المجهدة من المحفزات النفسيّة الرئيسة للإصابة بالفصام، ومن هذه الأحداث الطلاق، أو فقدان الوظيفة أو المنزل، أو موت أحد الأشخاص المقربين، وعلى الرغم من أنّ هذه الأحداث قد يكون لها تأثيرٌ كبير، إلا أنها ليست من مسببات المرض، وإنّما هي محفزٌ لتتطوره في الأشخاص الذين لديهم استعداد لذلك.
ولمعرفة المزيد عن أسباب الفصام يمكن قراءة المقال الآتي: (ما أسباب انفصام الشخصية).

تشخيص الإصابة بالفصام

على الرغم من عدم وجود اختبار بدني أو جسدي محدد لتشخيص الإصابة بالفصام، لا أنه يمكن للطبيب المشرف على الحالة أن يُشخّص الحالة من خلال تقييم الأعراض وحدة المرض على مدار مدة ستة أشهر،[11] حيث يعتمد الطبيب على عدة أمور لتشخيص الإصابة بالفصام، ومنها:[12]

  • ظهور عرضين أو أكثر من أعراض الفصام لمدة شهر على الأقل، ويُشترط أن يكون أحد هذه الأعراض الأوهام أو الهلوسة أو اضطرابات الحديث.

  • تراجع ملحوظ في أحد المجالات الرئيسية في الحياة سواء على مستوى العمل، أو العلاقات الشخصية، أو الرعاية الذاتية لفترة طويلة من الزمن.

  • استمرار ظهور بعض أعراض الفصام لمدة لا تقل عن ستة أشهر، بشرط أن يكون من بينها الأعراض التي تُحقق الشرط الأول لمدة شهر واحد على الأقل.


بالإضافة لما سبق يطلب الطبيب إجراء الاختبارات والفحوصات البدنية لاستبعاد المشاكل الصحية التي قد تكون سببًا لظهور الأعراض، أو لاستبعاد الحالات الطبية ذات الأعراض المشابهة، وقد يطلب الطبيب طلب الخضوع للتصوير بالرنين المغناطيسي والتصوير المقطعي.[13]

علاج الفصام

يُركّز علاج فصام الشخصية على تخفيف أعراض المرض والحد من ظهور نوباته أو انتكاساته، وفيما يأتي بيانٌ لأبرز العلاجات المستخدمة:[14]

العلاج الدوائي


تُعدّ الأدوية المضادة للذهان من أكثر الأدوية استخداماً في علاج حالات الإصابة بالفُصام، ويتمثل مبدأ عملها في التّحكم بالأعراض من خلال التأثير في الناقل العصبي الموجود في الدماغ والمعروف بالدوبامين (بالإنجليزية: Dopamine)، وتجدر الإشارة إلى أنّ الطبيب المختص قد يلجأ لتجربة أكثر من نوعٍ من هذه الأدوية بجرعاتٍ مختلفةٍ وأحياناً قد يصف أكثر من دواءٍ للمصاب للحصول على النتائج المطلوبة من العلاج، ولكن بشكلٍ عام فإنّ الهدف من العلاج هو السيطرة على الأعراض بأقل جرعةٍ ممكنةٍ من الدواء، والجدير بالعلم أنّه قد يُلجأ لاستخدام بعض مضادات الاكتئاب أو بعض مضادات القلق أو غير ذلك من المجموعات الدوائية بحسب ما يراه الطبيب المختص مناسبًا، وعلى أية حال فإنّ أدوية علاج الفصام تحتاج فترة زمنية ليست قصيرة لملاحظة مفعولها،[15]، وبالعودة للحديث عن مضادات الذهان يمكن تقسيمها كما يأتي: [16]
  • أدوية مضادات الذهان من الجيل الأول، مثل كلوروبروامزين (بالإنجليزية: Chlorpromazine)، فلوفينازين (بالإنجليزية: Fluphenazine)، هالوبيريدول (بالإنجليزية: Haloperidol)، بيرفينازين (بالإنجليزية: Perphenazine).

  • أدوية مضادات الذهان من الجيل الثاني، مثل أريبيبرازول (بالإنجليزية: Aripiprazole)، وكلوزابين (بالإنجليزية: Clozapine)، وأولانزابين (بالإنجليزية: Olanzapine)، وبالبيريدون (بالإنجليزية: Paliperidone)، وكويتيابين (بالإنجليزية: Quetiapine)، وريسبيريدون (بالإنجليزية: Risperidone)، وغيرها.


العلاج النفسي


من المهم للمصاب بالفصام أن يخضع للعلاج النفسيّ إلى جانب العلاج الدوائي؛ حيث يشمل العلاج النفسي ما يأتي:[13]
  • العلاج الفردي: يقوم مبدؤه على تعليم المصاب طرق التعامل مع الإجهاد وتحديد العلامات المبكرة للإصابة مجدداً بالفصام، كما يُساهم هذا العلاج في تحسين نمط التفكير لدى المُصاب.

  • العلاج الأسري: ويرتكز هذا النوع من العلاج على تثقيف وتحسين مهارات العائلة في التعامل مع المصاب بالفُصام.

  • تنمية المهارات الاجتماعية: وهذا بدوره يُعزز مهارات التواصل والتفاعل مع الآخرين، كما يُعزز قدرة المصاب على ممارسة الأنشطة اليومية المختلفة.

  • التأهيل المهني: والذي يُساهم في تأهيل المُصاب للحصول على وظيفةٍ والاستمرار بها.

  • العلاج السلوكي المعرفي: (بالإنجليزية: Cognitive behavior therapy) يهدف هذا النوع من العلاج إلى تغيير سلوك المصاب وطريقة تفكيره إلى الأفضل، كما يتعلم من خلاله أساليب التعامل مع الأصوات والهلوسات التي يشعر بها.[17]

  • العلاج المعرفي المعزز: (بالإنجليزية: Cognitive enhancement therapy)، ويتم من خلال هذا النوع من العلاج تعليم المُصاب كيفية التعرف على الإشارات الاجتماعية، كما يُساهم في تعزيز ذاكرة المُصاب وتحسين قدرته على التركيز وتنظيم الأفكار.[17]


المعالجة بالتخليج الكهربائي


تتمثل المعالجة بالصدمة أو التخليج الكهربائي (بالإنجليزية: Electroconvulsive therapy) بتوصيل صدمةٍ كهربائيةٍ صغيرةٍ إلى الدماغ عن طريق وصل أقطابٍ كهربائيةٍ بفروة رأس المُصاب بعد إخضاعه للتخدير العام، وعادةً ما يحتاج المُصاب من جلستين إلى ثلاث جلساتٍ في في الأسبوع الواحد لعدّة أسابيع؛ بحيث تؤدي هذه الجلسات مع مرور الوقت إلى تحسين الحالة المزاجية والقدرة على التفكير لديه، ومن الجدير بالذكر أن هذه الطريقة لا تستخدم في علاج الفصام إلاّ في حال فشل الأدوية أو إصابة الشخص باكتئابٍ يحول دون استجابة المصاب للعلاج؛ وذلك لأنّ استخدام هذه الطريقة في علاج الفصام لم تُثبت كما في حال استخدامها في علاج بعض الاضطرابات النفسية الأخرى.[18]ولمعرفة المزيد عن علاج الفصام يمكن قراءة المقال الآتي: (كيفية علاج انفصام الشخصية).

التعامل مع مرض الفصام

توجد مجموعة من النصائح التي يجدر بالمصابين بالفصام اتباعها، ومنها ما يأتي:[19]

  • تقبل الإصابة بالمرض، والذي يظهر من خلال الالتزام بتناول الأدوية الموصوفة من الطبيب، واتباع نمط حياةٍ صحيّ، وحضور المواعيد والجلسات العلاجية.

  • الحرص على التواصل مع الطبيب؛ للتأكد من أن الأدوية والجرعات مناسبة، كما يجدر إخبار الطبيب بالآثار الجانبية المتعلقة بالأدوية، والمخاوف، وغيرها من المشاكل العلاجية.

  • تقبل الدعم من الآخرين.

  • الذهاب للعمل وبناء علاقات اجتماعيةٍ مع الآخرين.

  • تحديد الأهداف والتطلعات والسعي إلى تحقيقها في المستقبل.

فيديو عن انفصام الشخصية

يتحدّث اختصاصي الطب النفسي الدكتور أشرف الصالحي عن انفصام الشخصية، والفئة العمريّة التي تُصاب به.

المراجع