مارك زوكربيرغ وإيلون ماسك … من يسبق في مجال بحوث الدماغ

معلومات عامة  -  بواسطة:   اخر تحديث:  2020/10/24
مارك زوكربيرغ وإيلون ماسك … من يسبق في مجال بحوث الدماغ

مارك زوكربيرغ وإيلون ماسك اثنان من ألمع العقول في وقتنا الراهن، فهما يتحكمان بحياتنا بشكل غير مباشر حيث يتحكمان بصياغة التكنولوجيا وهذا يختصر كل شيء. يبدو أنّ السباق بينهما قدّ بدأ والهدف هو الدماغ، فمارك يريد أن يقدّم لنا تكنولوجيا تسمح لنا بالكتابة من خلال عقولنا، والآخر يريد وصل دماغنا بالحاسب عن طريق شريحة صغيرة بهدف زيادة القدرات وإيصالها إلى درجاتها القصوى، منافسة شرسة والمستفيد هو البشريّة، إليكم ما نعرف هذه اللحظة عن أفكار كلا هؤلاء الرجلين الحديدييّن.


أولًا فيسبوك والكتابة بواسطة الدماغ


تمّ عقد مؤتمر فيسبوك السنويّ للمطوّرين هذا الأسبوع. وبالرغم من عديد الأشياء الرائعة التي تمّ الإعلان عنها في المؤتمر_ والتي يمكنكم قراءة مراجعة شاملة لها من خلال مقالة سابقة_ إلّا أن الخبر الأبرز هو إعلان فيسبوك نيتها عن تأسيس مشروع منفصل ستكون مهمته تأمين تكنولوجيا تسمح للأشخاص بالكتابة لا بشيء سوى بأدمغتهم. وبكل بساطة يمكن لأيّ كان أن يستشعر أهمية هذه التكنولوجيا لمن لا يستطيع الكتابة بشكل عادي باستخدام يديه، وأشهر الأمثلة ستيفن هوكينغ، فكم كانت حياته لتكون أسهل لو كان يملك هذه التكنولوجيا للتواصل.


مشروع (B8)، هو المشروع المسؤول عن تطوير هذه التكنولوجيا بحيث يهدف إلى التحكم المباشر بالحواسب عن طريق الدماغ brain-computer interfaces (BCIs) بالإضافة إلى مشاريع أُخرى تشمل الواقع المعزز، والطائرات دون طيار، والكاميرات.


جاء إعلان هذا المشروع عن طريق عرض تقديمي قامت به ريجينا دوغان، وهي المديرة التنفيذية السابقة لداربا والرئيسة الحاليّة لمشروع B8، حيث ذكرت من خلال عرضها التقديمي بعض التفاصيل التي ستسمح لفيسبوك بالوصول إلى هدفهم المنشود.


1- يعمل فيسبوك على تطوير واجهة بين الدماغ والحاسب من شأنها أن تسمح للأفراد التواصل مع أشخاص آخرين دون التحدث بأي كلمة، وإنما من خلال الأفكار وحدها.


2- أشارت دوغان إلى أن الدماغ البشري ينتج حوالي 1 تيرابايت من المعلومات في الثانية. ننقل من هذه المعلومات حوالي 100 بايت في الثانية فقط من خلال الكلام، ولكن فيسبوك تريد نقل كل هذه المعلومات مباشرة للآخرين في حال رغبنا بذلك.


3- في البداية، يأمل القائمون تمكين الأشخاص من “الكتابة” و “النقر” من خلال الدماغ. على سبيل المثال، يمكن للأشخاص الذين يعانون من مرض التصلّب الجانبي الضموري (ALS) والّذي يعاني منه ستيفن هوكينغ أن يكتبوا بواسطة أفكارهم مباشرة. وتسعى فيسبوك لذلك عن طريق قراءة الدماغ البشري أو لنكون دقيقين تسعى فيسبوك لقياس الموجات الدماغيّة ومن ثمّ استخدام هذه الموجات الدماغية في الكتابة.


4- كمرحلة ثانية تهدف فيسبوك للوصل إلى سرعة كتابة عن طريق الدماغ أسرع بـخمس مرات من الكتابة على الهاتف الذكي.


5- بعد ذلك، ستصل فيسبوك إلى مرحلة اسمح للناس بكتابة 100 كلمة في الدقيقة باستخدام أفكارهم. وهذا أسرع بكثير من معظم الأشخاص حيث يبلغ متوسط سرعة الكتابة على لوحة المفاتيح بين 35 و40 كلمة في الدقيقة.


6- تطوير تكنولوجيا تسمح للأشخاص بالسماع عن طريق جلدهم، وهو ما يمكن ترجمته إلى تكنولوجيا تسمح لنا بالشعور بالأفكار التي ينقلها لنا الآخرون.


7- في المرحلة النهائية ستكون التكنولوجيا عبارة عن مترجم للأفكار عن طريق الجلد، ومن ثمّ يمكن لأي شخص أن يفكر بفكرة بأي لغة وينقلها لأي بأي لغة يرديها وما على الشخص الآخر سوى الشعور بهذه الفكرة.


بالرغم من روعتها، تبدو هذه الأفكار جنونية جدًا، ولكن ما هي التكنولوجيا الحاليّة التي نملكها إلّا أفكار كانت مجنونة في البدايّة.


ثانيًا التفاصيل العريضة لخطة إيلون ماسك لربط الدماغ مع الحاسب


بعد أسابيع من الترقب وإعلان إيلون ماسك إطلاقه شركة نيورالينك Neuralink ، تم الكشف عن تفاصيل مشروع ماسك وشركته. وسنذكر لكم أهم الخطوط العريضة لهذه الخطة.


الدماغ البشري سيحصل على طبقة إضافيّة
الدماغ البشري يتكوّن من العديد من الطبقات أهمها طبقتين هما الجهاز الحُوفِيّ أو النطاقيّ (Limbic System) والقشرة الدماغية (Cortex): النظام الحُوفِيّ يسيطر على أشياء مثل العواطف والذاكرة طويلة الأمد، والسلوك. أمّا القشرة الدماغية، فتتعامل مع الأفكار المعقدة، والتفكير، والتخطيط على المدى الطويل. ما يريده ماسك هو إضافة طبقة ثالثة تكون عبارة عن واجهة أو صلة وصل بين الجهاز الحُوفيّ والقشرة الدماغية، وما يزيد الأمر غرابة أنّ هذه الطبقة موجودة في الأصل حسب اعتقاد ماسك ولكنها لا تعمل بالشكل الأمثليّ. حيث يقول:


لدينا بالفعل تلك الطبقة الرقمية متمثلةً بجهاز الكمبيوتر الخاص بك أو هاتفك أو التطبيقات الخاصة بك … الشيء الذي لا يعيه معظم البشر أننا أصبحنا نصف آليين منذ فترة طويلة … إذا تركت هاتفك الذكي ورائك، فكأنك فقد بالفعل عضو من أعضاءك. أعتقد أنّ الناس اندمجوا سابقًا مع هواتفهم وأجهزتهم المحمولة وتطبيقاتها.


إذًا ما تهدف إليه Neuralink فعليّا هو استبدال الوسيط التكنولوجي المتمثل بالهاتف والكومبيوتر المحمول بشريحة توصل مع الدماغ مباشرةً، من شأن هذه الشريحة زيادة قدراتنا بشكل مهول، بحيث يمكننا على سبيل المثال الوصول إلى أيّ معلومة مباشرةً، أو تعلم لغة جديدة بلمح البصر، أو زيادة حجم ذاكرتنا بشكل كبير.


قد يتخوّف البعض من هذا الأمر، فإذا كانت الهواتف والحواسب قابلة للاختراق، فما الذّي سيحمي أفكارنا من الاختراق في حال زرعنا هذه الشريحة في دماغنا. يجيب ماسك بأنّ هذه الشريحة ستكون تحت سيطرتنا بشكل كامل، فالأفكار الخاصة بك ستمون حبيسة طلما لم تخرجها، كما الكلام فلن يعرف أحد ما يجول في خاطرك حتى تتكلم.


ماسك يبحث عن أشخاص أذكياء جدًا للعمل معه في تحقيق أهدافه


التقى ماسك مع أكثر من 1000 شخص قبل أن يقرر على ثمانية فقط، الذين من شأنهم أن يساعدوه على تشكيل مستقبل الإنسانية في Neuralink. ويدعي ماسك أن تشكيل الفريق المناسب كان تحديّا في حد ذاته، حيث كان في حاجة للعثور على أشخاص قادرين على العمل في مجال متعدد التخصصات يشمل كل شيء من جراحة الدماغ إلى الإلكترونيات على مستوى مجهريّ.


الجدوّل الزمني للعمل


لن تحوّلنا Neuralink إلى حواسب تمشي على قدمين بشكل مباشر. لكن الأمر سيتم بشكل تدريجي، حيث تهدف الشركة بدايةً إلى تقديم منتج للسوق خلال اربع سنوات، قدّ يساعد في حالات الإصابات الخطيرة في الدماغ مثل (السكتات الدماغية، الآفات الخلقيّة).


عندما يصبح هذا المنتج الّذي سيساعد في حالات الإصابة مستقرًا، ستنتقل الشركة إلى العمل على تكنولوجيا يستطيع الناس الأصحاء استخدامها، حيث يؤمن ماسك أنّه خلال 8 إلى 10 سنوات ستصبح التكنولوجيا جاهزة لمن لا يملك إعاقة ما وهذا يعتمد على مدى نجاح المرحلة الأولى ومدى استفادة الأشخاص المصابين من الرقاقات.


ولكن العقبات كثيرة


أولًا هناك عقبات هندسية للتغلب عليها. يجب على Neuralink حل مشاكل كثرة مثل مدى قبول الدماغ للشريحة الجديدة، ومشاكل الأسلاك والطاقة، والنطاق الترددي. حتى الآن، لم يوضع أكثر من 200 قطب كهربائي في دماغ شخص في الوقت عينه، وهذه مشكلة كبيرة لأن الشركة تحتاج إلى وضع عدد أكبر من ذلك بكثير إذا ما أرادو لمشروعهم النجاح، وهذا العدد الكبير المحتمل يتمخض عن مشكلتين الأولى الحاجة غلى وسيلة للتأكد من أن الدماغ يتمكن من التواصل بشكل فعال مع هذا العدد المهول من الأقطاب الكهربائية، والمشكلة الأخرى تتمثل في تأمين مكان لوضعهم في الدماغ فالمساحة صغيرة جدًا مما يتعين تصغير هذه الأقطاب حتى المستوى المجهري.


التغلب على المشاكل الهندسية هو نصف المعركة التي يجب على Neuralink خوضها، فالنصف الآخر يتمثل في البشر ذاتهم وقبولهم لهذا النوع من المشاريع فمن هذا الّذي سيرغب في فتح دماغه ووصل شريحة به، فهناك خوف كبير من النتيجة التي قد تكون غير متوقعة نهائيّا.


من ما سبق نستنتج شيء واحد فقط وهو أنّ الدماغ البشري هو الوجهة المقبلة للأبحاث، فنحن قد وصلنا إلى هذه المرحلة المتقدمة وإلى الآن لا نعرف بالضبط كيف يعمل هذا الدماغ، بالرغم من كم الأبحاث الهائل في هذا المجال إلّا أنّ النتائج ما زالت غير مرضيّة. لذلك ستكون هذه المعضلة هي هدف البشريّة القادم، وها قد بدأنا.