من هم الأعراف ولماذا سموا بذلك

معلومات عامة  -  بواسطة:   اخر تحديث:  ١١:٢٩ ، ١٠ أبريل ٢٠١٧
من هم الأعراف ولماذا سموا بذلك

أهل الأعراف

سورة الأعراف من السور التي يحويها كتاب الله تبارك وتعالى، وقد جاء في ثنايا تلك السورة آية تذْكُر بالتحديد اسم الأعراف، وتبيِّنُ جزءاً من المعنى المراد بهذه اللفظة؛ لكنّها في المجمل تبقى مجهولة الدلالة لمن يجهل الأمور المتعلقة بالجنة والنار، والحساب والعرض على الله، وقد جاءت الآيات في سورة الأعراف إجمالاً للحديث عن المراد من اسم السورة، والآية الواردة فيها (التي جاء فيها اسم الأعراف)؛ فأرشدت إلى معناها ومدلولها، وقد بيّن علماء التفسير المراد بالأعراف في تلك السورة وجميع التفاصيل المتعلقة فيها من حيث: من هم؟ وما المنزلة التي يصلون إليها؟ وكيف يُعاملهم الله سبحانه وتعالى يوم القيامة؟ وحال موقفهم المراد بيانه من تلك السورة؟ وغير ذلك من الأمور التي بيّنتها السورة.

معنى الأعراف

الأعراف لغة


الأعراف في اللغة جمع عرف وهو المكان المرتفع من الأرض.[1]
وعرّفها الطبري بأنّها جمع عرف، وعند العرب كل مرتفع من الأرض هو عرف، وإنما قيل لعرف الديك عرف؛ لارتفاعه على ما سِواه من جسده.[2] وعرّفها الشوكاني بأنّها: شُرُفات السور المضروب بينهم، ومنه عرف الفرس، وعرف الديك، والأعراف.[3] ويعود سبب تسمية المكان المرتفع عرفاً؛ لأنّه يصبح أعرف ممّا انخفض منه.[4]

الأعراف اصطلاحاً


الأعراف في الاصطلاح تعني: حجاب أو سور أو تلّ مُشرف، أو جبال بين الجنة والنار، أو أي حاجز آخر يجعله الله يوم القيامة بين الجنّة والنار، ويشرف أصحاب الأعراف من خلاله على فريقيّ الجنّة والنار؛ يَعرِفون كلّاً بسيماهم.[5]

من هم الأعراف ولماذا سمّوا بذلك

من هم أصحاب الأعراف


اختلف أهل العلم في تعيين من هم أصحاب الأعراف، وفيما يلي بعض أقوال العلماء في ذلك:[6]
  • ذهب ابن مسعود وكعب الأحبار وابن عباس -رضي الله عنهم- إلى القول بأنّ أصحاب الأعراف هم مساكين أهل الجنة، واستدلّوا على ذلك بما أخرجه الإمام الطبري عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه قال: (الأعراف سورٌ بين الجنة والنار، وأصحاب الأعراف بذلك المكان، حتى إذا بدا لله – هكذا بالأصل – أن يعافيهم؛ انطلق بهم إلى نهرٍ يقال له: الحياة، حافتاه قصب الذهب، مكلَّلٌ باللؤلؤ، ترابه المسك؛ فألقوا فيه، حتى تصلح ألوانهم ويبدو في نحورهم شامة بيضاء يُعرَفون بها، حتى إذا صلحت ألوانهم، أتى بهم الرحمن، فقال: تمنوا ما شئتم، قال: فيتمنون، حتى إذا انقطعت أمنيتهم قال لهم: لكم الذي تمنيتم ومثله سبعين مرة، فيدخلون الجنة وفي نحورهم شامة بيضاء يُعرفون بها، يسمون مساكين الجنة).

  • نقل ابن وهب عن ابن عباس -رضي الله عنه- أنّ أصحاب الأعراف هم الذين ذكرهم الله في القرآن، وهم أصحاب الذنوب العظيمة من أهل القبلة، وذكره أيضاً ابن المبارك عن ابن عباس قال: (أصحاب الأعراف رجالٌ كانت لهم ذنوب عظام، وكان جسيم أمرهم لله، فأقيموا ذلك المقام، إذا نظروا إلى أهل النار وعرفوهم بسواد الوجوه، قالوا: ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين، وإذا نظروا إلى أهل الجنة عرفوهم ببياض وجوههم).

  • ذكر ابن عطية في تفسيره أنّ أصحاب الأعراف هم قومٌ كانت لهم صغائر لم تُكفَّر عنهم بالآلام والمصائب في الدنيا فوقفوا، وليست لهم كبائر فيُحبسون عن الجنة لينالهم بذلك غمّ وهمّ، فيقع ذلك في مقابلة صغائرهم حتى يدخلون الجنة.

  • ذهب ابن مسعود، وحذيفة بن اليمان، وابن عباس، والشعبي، والضحاك، وسعيد بن جبير إلى أنّ أصحاب الأعراف هم (قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم فجُعلوا هناك إلى أن يقضي الله فيهم ما يشاء، ثم يُدخلهم الجنّة بفضل رحمته لهم).

  • يرى أبو نصر القشيري في قولٍ آخر، والشوكاني ومجاهد في أحد قوليه؛ أنّ أصحاب الأعراف هم فضلاء المؤمنين والشهداء الذين فرغوا من شغل أنفسهم، وتفرّغوا لمطالعة أحوال الناس وأحوالهم.

  • يرى ابن عباس -رضي الله عنه- كما نقل القشيري أنّ أصحاب الأعراف هم أولاد الزنا.

  • يرى مجاهد أنّ أصحاب الأعراف هم قومٌ صالحون، وأنّهم من الفقهاء والعلماء.

  • ذهب المهداوي، ومعه الشوكاني والقشيري وشرحبيل بن سعد أنّ أصحاب الأعراف هم الشُّهداء من أمّة محمد صلى الله عليه وسلم.

  • يرى شرحبيل بن سعد أنّ أصحاب الأعراف هم الذين استشهدوا في سبيل الله والذين خرجوا للجهاد عاصين لآبائهم.

  • يرى الزهراوي والنّحّاس أنّ أصحاب الأعراف هم عدول القيامة الذين يشهدون على الناس بأعمالهم، وهم فئةٌ مختارةٌ في كل أمة.


أخرج الطبري عن سعيد بن جبير عن ابن مسعود أنّه قال: (يحاسب الناس يوم القيامة، فمن كانت حسناته أكثر من سيئاته بواحدة دخل الجنّة، ومن كانت سيئاته أكثر من حسناته بواحدة دخل النّار، ثم قرأ قول الله: (وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَـئِكَ الَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُم)[7]ثم قال: إنّ الميزان يخف بمثقال حبة ويرجح، قال: فمن استوت حسناته وسيئاته كان من أصحاب الأعراف، فوقفوا على الصراط، ثم عرفوا أهل الجنّة وأهل النّار، فإذا نظروا إلى أهل الجنة نادوا: سلام عليكم، وإذا صرفوا أبصارهم إلى يسارهم ونظروا إلى أصحاب النّار، قالوا: ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين، فيتعوذون بالله من منازلهم...).


سبب تسمية الأعراف


يعود سبب تسمية أصحاب الأعراف بهذا الاسم لأنهم يعرفون أهل الجنّة والنّار كلاً بسيماهم، أو لأنّهم يقفون على الأعراف (المكان المرتفع بين الجنّة والنّار).[5]

ما ورد في القرآن الكريم بشأن أصحاب الأعراف

ورد ذكر اصحاب الأعراف في القرآن الكريم في مواطن عديدة :

  • قال الله سبحانه وتعالى: (وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ ۚ وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيمَاهُمْ ۚ وَنَادَوْا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَن سَلَامٌ عَلَيْكُمْ ۚ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ)[8]

  • قال الله سبحانه وتعالى: ( وَنَادَىٰ أَصْحَابُ الْأَعْرَافِ رِجَالًا يَعْرِفُونَهُم بِسِيمَاهُمْ قَالُوا مَا أَغْنَىٰ عَنكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ (48) أَهَٰؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لَا يَنَالُهُمُ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ ۚ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلَا أَنتُمْ تَحْزَنُونَ)[9]

  • قال الله سبحانه تعالى: ( يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذَابُ)[10]

تعريف عام بسورة الأعراف

سورة الأعراف سورة مكية، تناولت تفصيلاً لقصص الأنبياء عليهم السلام، وتناولت أيضاً بياناً لأصول العقيدة، وقد تضمّنت سورة الأعراف العديد من المواضيع في ثناياها؛ منها: أنّ القرآن الكريم كلام الله سبحانه وتعالى، وأنّه المعجزة الخالدة، وأُبوّة آدم عليه الصلاة والسلام للناس جميعاً، والإقرار بوحدانية الله سبحانه وتعالى، والكلام عن البعث والحساب يوم القيامة، كما جاء فيها ذكر العديد من الأدلة الدالة على وجود الله سبحانه وتعالى.11

المراجع

  • 1 - تهذيب اللغة , (الطبعة الأولى)، بيروت: دار إحياء التراث العربي، صفحة 2 , محمد بن أحمد بن الأزهري اله .
  • 2 - جامع البيان في تأويل القرآن , (الطبعة الأولى)، بيروت: مؤسسة الرسالة، صفحة 449، جزء 12 , الطبري (2000)، .
  • 3 - فتح القدير , (الطبعة الأولى)، بيروت: دار ابن كثير، صفحة 236، جزء 2 , الشوكاني (1414هـ)، .
  • 4 - غرائب القرآن ورغائب الفرقان , (الطبعة الأولى)، بيروت: دار الكتب العلمية، صفحة 239، جزء , النيسابوري (1416)، .
  • 5 - أصحاب الأعراف , الدرر السنية , 26-3-2017. بتصرّف. .
  • 6 - الموسوعة العقدية- الإختلاف في تعيين أصحاب الاعراف , الدرر السنية , 26-3-2017. بتصرّف. .
  • 7 - سورة الأعراف، آية: 8-9. .
  • 8 - سورة الأعراف، آية: 46. .
  • 9 - سورة الأعراف، آية: 48-49. .
  • 10 - سورة الحديد، آية: 13. .