معنى اسم الله القريب
يُقصد باسم الله القريب أنّه -سبحانه وتعالى- قريب من عباده يعلم بهم، وقريبٌ منهم بإجابته لدعائهم، والقرب نوعان حسب ما قاله القحطاني؛ أوّلهما القرب العام؛ وهو علمه -سبحانه وتعالى- بكلّ شيء؛ فهو الأقرب إلى عباده من حبل الوريد، والمعنى في ذلك أنّه معهم، وثانيهما القرب الخاصّ الذي يختصّ بعباده الطائعين والداعين له؛ فيحبّهم وينصرهم ويكون معهم في كلّ أحوالهم ويجيب دعواتهم ويتقبّل أعمالهم ويثيبهم عليها.
كيف أتقرب إلى الله
يعدّ اتّباع رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بما جاء به إحدى الطرق المعينة على حبّ الله -تعالى- والتقرّب منه، واتّباع الرسول يكون في كلّ ما فعله -صلّى الله عليه وسلّم- وقاله، وقد ورد ذلك في قوله -تعالى- على لسان النبيّ -عليه السلام-: (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّـهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّـهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ)،
وقد كلّف الله -تعالى- عباده بالتوبة والرجوع إليه؛ حال ارتكابهم المعاصي؛ ليقرّبهم منه -سبحانه وتعالى-، كما كلّفهم بالاستقامة في فعل الطاعات والابتعاد عن الذنوب والمعاصي؛ ويمكن للعبد أن يتقرّب إلى الله -تعالى- بالنظر في كتب الترغيب والترهيب، والتمعّن في الآيات التي تنصّ على مصير الطائعين والعاصين في الآخرة، والآيات التي تتحدّث عن قرب الله -تعلاى- من عباده واطّلاعه عليهم، ومعاقبته لمن يخالف أمره منهم، ويحرص المسلم على الصحبة الصالحة التي تعينه على الخير والتقرّب من الله -عزّ وجلّ-، كما ويتحرّى المسلم أوقات الإجابة؛ فيدعو الله -تعالى- بالاستقامة، ولا يستسلم للشيطان حال تكرار الخطأ؛ وإنّما يستمر في التوبة، وقد وصف الله -تعالى- عباده المتّقين برجوعهم له فقال: (وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّـهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّـهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَىٰ مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ)،
ويعتبر كمال توحيد الله -تعالى- هو الأساس في كلّ ذلك، ويتحقق بعد الفرائض بأن يحرص المسلم على القيام بالنوافل من صلاة، وصيام، وذكر وتسبيح وكل ما فيه خير، وكل ذلك يساعد على التقرب من الله -تعالى-؛ لما ورد في الحديث القدسي الذي يرويه رسول الله عن الله -تبارك وتعالى- قال: (وما تَقَرَّبَ إلَيَّ عَبْدِي بشيءٍ أحَبَّ إلَيَّ ممَّا افْتَرَضْتُ عليه، وما يَزالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إلَيَّ بالنَّوافِلِ حتَّى أُحِبَّهُ)،
ويساعد التفكّر في أسماء الله الحسنى على التقرّب منه ومحبّته -تعالى-،
مقام القرب وفضله
تتعدّد مراتب القرب من الله -تعالى- وتختلف بحسب رتبة المقرّب، وأعظم ما يصله الإنسان من القربات؛ أن يكون مقرباً من الله -تعالى-، كما قال: (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ*أُولَـئِكَ الْمُقَرَّبُونَ)،
وقد أخبر الله -تعالى- عباده الذين يتقرّبون منه، أنّ الذي يتقرّب إليه فهو -سبحانه- يتقرّب منه أضعاف، وهذه هي الغاية من تشريع الطاعات؛ فهي التي تقرّب العباد من خالقهم، وينالون بها جنّاته، كما أنّ ذكر العبد لربّه -تعالى- يوجب ذكر العبد عنده؛ فقد روى أبي هريرة عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلم-، أنه قال: يقولُ اللَّهُ تَعالَى: (أنا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بي، وأنا معهُ إذا ذَكَرَنِي، فإنْ ذَكَرَنِي في نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ في نَفْسِي، وإنْ ذَكَرَنِي في مَلَإٍ ذَكَرْتُهُ في مَلَإٍ خَيْرٍ منهمْ، وإنْ تَقَرَّبَ إلَيَّ بشِبْرٍ تَقَرَّبْتُ إلَيْهِ ذِراعًا، وإنْ تَقَرَّبَ إلَيَّ ذِراعًا تَقَرَّبْتُ إلَيْهِ باعًا، وإنْ أتانِي يَمْشِي أتَيْتُهُ هَرْوَلَةً)،
وقد نال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- مقام قاب قوسين أو أدنى من الله، كما نال مقام الوسيلة؛ وهي أعلى رتبة وأعظمها وأشرفها في القرب إلى الله -تعالى-، وهو الذي يشفع للخلائق عند ربهم يوم الحساب، ولا أحد يشفع له، وهو الواسطة بين العباد وربهم، ولا يملك أحد منهم الكلام إلّا هو؛ فإن الله -تبارك وتعالى- يقول له: (يا مُحَمَّدُ، ارْفَعْ رَأْسَكَ، وقُلْ: يُسْمَعْ لَكَ، وسَلْ تُعْطَهْ، واشْفَعْ تُشَفَّعْ).
ويعتبر القرب من الله -تعالى- القوّة الحقيقية التي يملكها العبد، ومن ذلك ما حصل في قصّة موسى -عليه السلام-؛ فقد قال -تعالى-: (وَنادَيناهُ مِن جانِبِ الطّورِ الأَيمَنِ وَقَرَّبناهُ نَجِيًّا)،
المراجع
- 1 - حسين بن محمد المهدي (2009)، <i> " صيد الأفكار في الأدب والأخلاق والحكم والأمثال " , ، اليمن : دار الكتاب ، صفحة 520، جزء 2 , حسين بن محمد المهدي (2009)، .
- 2 - سورة آل عمران ، آية: 31. .
- 3 - رواه البخاري ، في صحيح البخاري ، عن أبي هريرة ، الصفحة أو الرقم: 6502، صحيح . .
- 4 - مجموعة من المؤلفين (2009)، <i> " فتاوى الشبكة الإسلامية " , ، صفحة 97، جزء 3 , مجموعة من المؤلفين (2009)، .
- 5 - سورة آل عمران ، آية: 135. .
- 6 - سورة الأنعام ، آية: 54. .
- 7 - مجموعة من المؤلفين (2009)، <i> " فتاوى الشبكة الإسلامية " , ، صفحة 4522، جزء 9 , مجموعة من المؤلفين (2009)، .
- 8 - رواه البخاري ، في صحيح البخاري ، عن أبي هريرة ، الصفحة أو الرقم: 6502، صحيح . .
- 9 - حسن شبالة (23-11-2017)، " كيف أتقرب إلى الله وأسعى إلى مرضاته؟ " , www.islamweb.net , حسن شبالة (23-11-2017)، .
- 10 - تقي الدين بن تيمية (1995)، <i> " مجموع الفتاوى " , ، المدينة المنورة: مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف , تقي الدين بن تيمية (1995)، .
- 11 - علي بادحدح، <i> " دروس للشيخ علي بن عمر بادحدح " , ، صفحة 15، جزء 168 , علي بادحدح، .
- 12 - محمد المنجد، <i> " دروس للشيخ محمد المنجد " , ، صفحة 26، جزء 62 , محمد المنجد، .
- 13 - محمد المنجد، <i> " دروس للشيخ محمد المنجد " , ، صفحة 24، جزء 62 , محمد المنجد، .
- 14 - محمد التويجري ، <i> " موسوعة فقه القلوب " , ، المملكة العربية السعودية : بيت الأفكار الدولية ، صفح , محمد التويجري ، .
- 15 - سعيد القحطاني ، <i> " نُورُ الإِيمان وظلمات النِّفَاق في ضوء الكتاب والسنة " , ، الرياض : مطبعة سفير ، صفحة 12، جزء 1 , سعيد القحطاني ، .
- 16 - سورة الواقعة ، آية: 10-11. .
- 17 - سورة النساء ، آية: 172. .
- 18 - سورة آل عمران ، آية: 45. .
- 19 - سورة المطففين ، آية: 18-21. .
- 20 - رواه البخاري ، في صحيح البخاري ، عن أبي هريرة ، الصفحة أو الرقم: 7405، صحيح . .
- 21 - سورة التوبة ، آية: 40. .
- 22 - عبد الله سراج الدين (1997)، <i> " التقرب إلى الله " , (الطبعة الثانية )، حلب : مكتبة دار الفلاح ، صفحة 7-10 , عبد الله سراج الدين (1997)، .
- 23 - رواه مسلم ، في صحيح مسلم ، عن أنس بن مالك ، الصفحة أو الرقم: 193 ، صحيح . .
- 24 - عبد الله سراج الدين (1997)، <i> " التقرب إلى الله " , (الطبعة الثانية)، حلب : مكتبة دار الفلاح ، صفحة 10-11 , عبد الله سراج الدين (1997)، .
- 25 - سورة مريم ، آية: 52. .
- 26 - سورة الواقعة ، آية: 88-89. .
- 27 - محيي الدين صالح (11-2-2010)، " أهمية القرب من الله " , www.alukah.net , محيي الدين صالح (11-2-2010)، .