الإمامة والإمام
الإمامة في اللغة من الفعل أَمَّ، فيُقال للرَّجل إماماً إذا تقدّم الناس للصلاة بهم، فيقتدون به ويتّبعونه، وهي الإمامة الصغرى، كما يُطلق لفظ الإمام على الرَّجل الذي يُؤتم به الناس في أيّ أمرٍ من الأمور، ولذلك يعتبر قائد الجند إماماً لهم، والعالم إماماً لطالبي العلم، كما يُطلق على القرآن إماماً؛ لاقتداء المسلمين به،
ولذلك فإنّ الاستخلاف والإنابة من سنّة النبيّ -عليه الصلاة والسلام-، والخلفاء الراشدين من بعده، حيث كان الأمير الذي ينوب عن الخليفة إماماً للناس، ومن أجلّ الأمور التي كانت على عاتق الأمير؛ الصلاة بالمسلمين، باعتبارها أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين، وقد ثبت عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أنّه ولّى الصحابيّ عتاب بن أُسيد -رضي الله عنه- إمارة مكّة، كما بعث عليّاً، ومعاذ، وأبا موسى إلى اليمن، وكانت من جُملة المهام التي يقوم بها الأمراء؛ تعليم المسلمين أمور دِينَهم؛ من عقيدةٍ، وفقهٍ، وأخلاقٍ، وغير ذلك.
أَجْر وفَضْل الإمامة عند الله تعالى
رتّب الله الأجر العظيم للإمام في الإسلام، وجعل له مكانةً عظيمةً، إذ إنّه يضمن للمؤتمين صحّة صلاتهم، كما أنّ الإمامة مهمة الخلفاء وأهل الصلاح، وتعدّ من أفضل الأعمال عند الله؛ لأنّ الإمام بتحقيقه للمقصود من الخلافة؛ يُعتبر مُقيماً لأمر الله -تعالى- في الأرض، ومَن أقام أمر الله بين الناس؛ فقد أتى بأهمّ الأعمال وأسماها، وقد قال النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- في فَضْل الإمارة: (ثلاثةٌ على كُثبانِ المسكِ أراه قال يومَ القيامةِ عبدٌ أدَّى حقَّ اللهِ وحقَّ مواليه، ورجلٌ أمَّ قومًا وهم به راضون، ورجلٌ يُنادي بالصَّلواتِ الخمسِ في كلِّ يومٍ وليلةٍ)،
وممّا يدلّ على فَضْل الإمامة في الإسلام؛ قَوْله -عليه الصلاة والسلام-: (يَؤُمُّ القَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللهِ)،
ويدلّ كذلك على فَضْل الإمامة؛ دعاء النبيّ -عليه الصلاة والسلام- للأئمة بالرُّشد والهداية، إذ قال: (الإمامُ ضامِنٌ والمؤذِّنُ مؤتَمَنٌ اللَّهمَّ أرشِدِ الأئمَّةَ واغفِرْ للمُؤذِّنينَ)،
منزلة الإمامة
تعدّ الإمامة مظنّة التذكير بالله، ووسيلةٌ لتعليم المسلمين أحكام دِينَهم، وحثّهم على تَرْك المُنكر، والتزام المعروف، وترغيبهم في الدِّين؛ ليسود الخير في المجتمع، وتضمحلّ الرذيلة، وتزول المعاصي، كما أنّ الإمامة وسيلةٌ لتهذيب أخلاق المسلمين، بالموعظة والتذكير، وهي تعبيرٌ عن الوحدة والاجتماع، وتتجلّى أهميّة الإمامة في أَمْر النبيّ -عليه الصلاة والسلام- للمسلمين أن يُؤمّروا عليهم أحدهم إن بلغ عددهم ثلاثة، كما أخرج الإمام مُسلم في صحيحه، عن أبي سعيد الخُدريّ -رضي الله عنه- أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: (إِذَا كَانُوا ثَلَاثَةً فَلْيَؤُمَّهُمْ أَحَدُهُمْ، وَأَحَقُّهُمْ بالإِمَامَةِ أَقْرَؤُهُمْ)،
مقاصد الإمامة
تقصد الإمامة وتهدف إلى تحقيق عدّة أمورٍ، يُذكر منها:
- تعليم المُسلمين حُسْن الانقياد والطاعة، فقد كان النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قائداً للدولة الإسلاميّة وإماماً للمُسلمين في صلاتهم، كما كان يُوصي الأمير الذي يبعثه في أي مهمّةٍ بالإمامة في الصلاة، كما كان يُوصي نائبة أيضاً بإمامة المُسلمين في صلاتهم.
- الإمامة في الصلاة تعدّ من أفضل الأعمال في الإسلام، ولذلك لا بدّ من تحقّق عدّة أمورٍ في الإمام، فلا بدّ فيه من العلم، والقراءة، والعدالة، وأن يكون من خيرة العباد، وقد قال الإمام أحمد -رحمه الله- في ذلك: "ومن الحقِّ الواجب على المسلمين: أن يُقدِّموا خيارهم وأهل الدِّين والأفضل منهم، أهل العلم بالله الذين يخافون الله ويراقبونه"، وقال الإمام السرخسيّ -رحمه الله-: "والأصل فيه: أنَّ مكانة الإمامة ميراثٌ من النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، فإنّه أول من تقدَّم للإمامة، فَيُختار لها مَن يكون أشبه به خَلْقاً وخُلُقاً، ثمّ هو مكانٌ استُنبط منه الخلافة، فإنَّ النبي -صلّى الله عليه وسلّم- لَمَّا أمر أبا بكر -رضي الله عنه- أنْ يُصلي بالناس، قالت الصحابة -رضي الله عنهم- بعد موته -صلّى الله عليه وسلّم-: إنّه اختار أبا بكر لأمر دينكم، فهو المُختار لأمر دُنياكم، فإنّما يُختار لهذا المكان مَن هو أعظم في النّاس".
- توثيق العلاقات الاجتماعية بين المُصلّين، ورفع الُمنازعات والشقاق الواقعة بينهم، والحرص على الإصلاح ونشر المحبّة والمودّة بينهم، وغير ذلك من دَفْع المفاسد والشرور.
المراجع
- 2 - مكانة إمام المصلين في الإسلام , www.islamqa.info , 2001-12-2، 2020-7-10. بتصرّف. .
- 3 - رواه المنذري، في الترغيب والترهيب، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 3/80، إسناده صحيح أو حسن أو ما قاربهما. .
- 4 - فضيلة الإمامة في الصلاة , www.islamweb.net , 2004-6-2، 2020-7-10. بتصرّف. .
- 5 - رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي مسعود عقبة بن عمرو، الصفحة أو الرقم: 673، صحيح. .
- 6 - سورة الفرقان، آية: 74. .
- 7 - سورة السجدة، آية: 24-25. .
- 8 - سعيد بن علي بن وهف القحطاني، <i> " الإمامة في الصلاة " , ، الرياض: مطبعة سفير، صفحة 7-10، جزء 1 , سعيد بن علي بن وهف القحطاني .
- 9 - رواه الإمام أحمد، في مسند أحمد، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 12/155، إسناده صحيح. .
- 10 - مجموعة من المؤلفين، <i> " فتاوى الشبكة الإسلامية " , ، صفحة 10242، جزء 11 , مجموعة من المؤلفين، .
- 11 - رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم: 672، صحيح. .
- 12 - علي عسيري (1419)، <i> " مسؤولية إمام المسجد " , (الطبعة الأولى)، السعودية: وزارة الأوقاف، صفحة 5-7، جزء 1 , علي عسيري (1419)، .
- 13 - محمد صالح المنجد (2009)، <i> " القسم العربي من موقع (الإسلام، سؤال وجواب) " , ، صفحة 1668 , محمد صالح المنجد (2009)، .