ما هي السنة الضوئية

معلومات عامة  -  بواسطة:   اخر تحديث:  ٠٩:١١ ، ٢٠ يناير ٢٠١٨
ما هي السنة الضوئية

الضوء

قديماً قبل القرن التاسع عشر كان مفهوم الضوء أنه سيل من الجسيمات التي إما تصدر من العين، وإما من الجسم الذي ننظر إليه. أما فكرة أن الضوء عبارة عن جسيمات تنطلق من الأجسام التي نراها فقد قاد هذه الفكرة العالم إسحاق نيوتن، واستخدم هذه الفكرة لتفسير ظاهرتي الانعكاس والانكسار.[1]بقي القبول لدى العلماء لفكرة نيوتن حتى عام 1678 حيث اقترح الفيزيائي والفلكي الهولندي كرستيان هويجنس (بالغنجليزية: Christian Huygens) أن الضوء عبارة عن نوع من الأمواج، وتمكنت النظرية الموجية لهوغينس من تفسير ظاهرتي الانعكاس والانكسار للضوء. وفي عام 1801 تمكن العالم ثوماس يونغ (بالإنجليزية: Thomas Young) من إثبات أن الضوء موجة، عن طريق جعل الضوء يتداخل، الأمر الذي سوف يؤدي إلى انخفاض شدة الضوء (أو اختفاء الضوء بالكامل) أو زيادة شدة الضوء (أو تضاعف شدة الضوء) إن هاتين الظاهرتين تُعرفان بالتداخل الهدام والتداخل البناء على الترتيب. ثم لحق ذلك نشر ماكسويل (بالإنجليزية: Maxwell) لعمله في الكهرباء والمغناطيسية في عام 1873 الذي دعم أيضاً النظرية الموجية للضوء.[1]

تمكنت النظرية الموجية للضوء من تفسير معظم الظواهر الضوئية، إلا أنها فشلت في تفسير بعض الظواهر مثل الظاهرة الكهروضوئية (بالإنجليزية: Photoelectric Effect)، الظاهرة التي نرى من خلالها انطلاق إلكترون من سطح المعدن عند تسليط ضوء عليه، وكان فشل النظرية الموجية للضوء يكمن في أن الطاقة الحركية لكل إلكترون لا تعتمد على شدة الضوء الساقط، وإنما على تردده، بينما يعتمد عدد الإلكترونات المنبعثة من سطح المعدن على شدة الضوء الساقط على هذا المعدن. وقد تمكن العالم الشهير ألبرت آينشتاين (بالإنجليزية: Albert Einstein) من تفسير هذه الظاهرة في عام 1905 مستعيناً بمفهوم تكميم الطاقة الذي وضعه العالم ماكس بلانك، وكنتيجة لتفسيره لهذه الظاهرة حاز على جائزة نوبل في الفيزياء في عام 1921.[1][2]

تبقى لنا الآن الإجابة عن سؤال ماهية الضوء، هل هو موجة، أم جُسيم؟ الإجابة ليست بسيطة كما رأينا سابقاً، لكن من الواضح تجريبياً (كون الفيزياء علم يعتمد على التجربة) أن الضوء يُظهر سلوكاً موجياً في بعض الأحيان، وفي بعض الأحيان الأخرى يُظهر سلوكاً خاصاً بالأجسام.[1]

السنة الضوئية

السنة الضوئية هي وحدة مسافة تُستخدم ضمن نطاق المجرة، وقد تبدو التسمية مُضلّلةً بعض الشي بسبب استخدام كلمة "سنة" فيُظن أنها وحدة زمن. وفي حال أردنا الحديث عن مسافات أكبر من المجرة فيمكن استخدام وحدة مسافة أخرى وهي الفرسخ الفلكي.[3]والسنة الضوئية الواحدة تساوي المسافة التي يقطعها الضوء في سنة واحدة (365.25 يوماً) في الفراغ. وبكلماتٍ أبسط، فإن السنة الضوئية الواحدة تساوي 9,460,730,472,580.8 كم، أو 9.46×10>15م تقريباً.[3]

أمثلة على استخدام السنة الضوئيّة

عادةً ما يستخدم الفلكيون وحدة السنة الضوئية أو الفرسخ الفلكي ضمن مجرة درب التبانة؛ حيث إن الفرسخ الفلكي يساوي تقريباً 3.3 سنة ضوئية، فعلى سبيل المثال:

  • المسافة بيننا وبين سوبر نوفا برج السرطان (بالإنجليزية: Crab Supernova) هي 4000 سنة ضوئية.

  • تمتدّ مجرتنا - مجرة درب التبانة - على طول 150,000 سنة ضوئية تقريباً.

  • تبعد عنا مجرة أندروميدا - وهي أقرب مجرة لمجرة درب التبانة - مسافة 2.3 مليون سنة ضوئية. أمّا في نظامنا الشمسي فنحن نستخدم وحدة مختلفة عن السنة الضوئية، وهي الوحدة الفلكية (بالإنجليزية: Astronomical Unit) حيث إن الوحدة الفلكية الواحدة تساوي 150 مليون كيلومتر تقريباً، وهي المسافة بين الشمس والأرض، وهي تساوي أيضاً 1.58×10>-5 سنة ضوئية (أي 8 دقائق ضوئية)، والمسافة بين الشمس وعطارد هي تقريباً ثلث المسافة بين الأرض والشمس، وهي 2.66 دقيقة ضوئية. لكن خارج النظام الشمسي.[4]

قياس سرعة الضوء

على مر التاريخ كانت هناك العديد من المحاولات لقياس سرعة الضوء، وكأي شيءٍ آخر من المنطقي التفكير بقانون السرعة تساوي المسافة مقسومةً على الزمن، لكن مع الضوء، الأمر ليس بهذه البساطة، حيث إنه سريعٌ جداً، وفي ما يلي بعض المحاولات لقياس سرعة الضوء.


محاولة جاليليو


طلب العالم جاليليو جاليلي (بالإنجليزية: Galileo Galilei) من اثنين من مساعديه الوقوف على جبلين تفصل بينهما مسافة 10كم وأعطى كل واحدٍ منهما فانوساً مُغطى، فإذا فتح أحدهما الفانوس، فعلى الآخر فتح فانوسه عندما يرى الضوء من الفانوس الأول، ويُسجل الزمن بين الكشف عن الفانوس الأول والكشف عن الفانوس الثاني الذي سيكون الزمن اللازم حتى يقطع الضوء المسافة بين الجبلين. لكن كان الأمر لحظياً، ولم يتمكن من تسجيل الزمن، الأمر الذي أدى إلى إدراك جاليليو لاستحالة قياس سرعة الضوء بهذه الطريقة.[1]

طريقة رومر


في عام 1675 قام الفلكي الدانماركي آولي رومر (بالإنجليزية: Ole Roemer) بأول محاولة ناجحة لقياس سرعة الضوء باستخدام أرصاد فلكية لقمر كوكب المشتري أيو (بالإنجليزية: Io)، حيث إن أيو يحتاج لـ 42.5 ساعة حتى يتم دورة كاملة حول كوكب المشتري، بينما دورة المشتري حول الشمس تحتاج لاثنتي عشرة سنة أرضية، الأمر الذي يعني أنه عندما تتحرك الأرض مسافة زاوية مقدارها 90 درجة، فإن المشتري سيكون قد قطع مسافة زاوية قدرها 7.5 درجة.[1]يجب أن تكون لأيو دورة ثابتة، وتغير الوقت اللازم لإتمام هذه الدورة يعني أن القمر إما أنه يتباطأ وإما أنه يتسارع، فإذا كان يتباطأ فإنه سوف يسقط على المشتري، وإذا كان يتسارع فإنه سوف يفلت منه وسيصبح حراً في الفضاء، لكن أياً من هذا لم يحدث، الأمر الذي يعني أن أيو يمتلك دورة ثابتة ذات وقت ثابت ومنتظم.[1]بعد سنة قام خلالها رومر بجمع الأرصاد المنتظمة للقمر أيو، لاحظ أنه يوجد اختلاف في توقيت دورة أيو عن المتوسط! وكانت الأرصاد تُشير إلى أن دورة أيو تحتاج لوقتٍ أطول عندما تكون الأرض مبتعدة عن المشتري، بينما تكون الدورة أقصر عندما تكون الأرض مقتربة من المشتري. لكن وبما أن أيو لديه دورة ثابتة فكان يجب أن يرى رومر خسوفاً للقمر أيو عندما يدخل في منطقة ظل المشتري (أي عندما لا يصله ضوء من الشمس حتى يعكسه بسبب أنه أصبح خلف المشتري، الأمر الذي يعني أنه لن يصله أي ضوء من الشمس)، وبما أن دورته ثابتة كان يجب أن يكون بمقدوره التنبؤ بالخسوف التالي لأيو، ولكنه لم يكن يستطيع ذلك، حيث إن الخسوف كان يتأخر عن موعده عندما تكون الأرض مبتعدة عن المشتري، ولو أخذنا الفترة بين رصدين لخسوف قمر لتكون 3 أشهر فإن زمن تأخر الخسوف سيكون 600 ثانية. هذا التأخر بسبب أن المسافة بين الأرض وأيو قد تغيرت عنها في الرصد الأول عنها في الرصد الثاني.[1]باستخدام أرصاد رومر تمكن هويجنس من تقدير سرعة الضوء، حيث إنه قدر مقدار سرعة الضوء لتكون 2.3×10>8م/ث الأمر المهم جداً، إذ إنه أثبت أن سرعة الضوء محدودة (أي أنها ليست لا نهائية).[1]

سرعة الضوء في الفراغ


بعد ذلك توالت التجارب والمحاولات لقياس سرعة الضوء، وكان فيزيو أول من حسب سرعة الضوء بنسبة خطأ قليلة نوعاً ما نسبةً إلى الإمكانيات التي كانت متاحةً في عصره فوجد أن سرعة الضوء هي 3.1×10>8م/ث، ومن بعده أصبحت النتائج أكثر دقةً، حتى إننا وصلنا إلى نسبة خطأ مقدارها 1م/ث (وهي نسبة خطأ قليلة جداً، إذ إن سرعة الضوء هي 299,792,458م/ث.[5]

المراجع