ما هي شروط العقيقة

معلومات عامة  -  بواسطة:   اخر تحديث:  ١٣:١٣ ، ٧ سبتمبر ٢٠٢٠
ما هي شروط العقيقة

العقيقة

العقيقة في اللغة تُطلق على عدّة معانٍ، فيقال: عقيقة للذبيحة التي تُذبَح عن المولود عندما يُحلق شعره، وتُطلق أيضاً على الشعر الذي يَنبُت للمولود من الناس والبهائم وهو في بطن أمّه، والخرزة الحمراء من الأحجار الكريمة أيضاً تُسمّى عقيقة، وتُعرّف في الاصطلاح الشرعي بأنّها ما يُذبَح حمداً لله -تعالى- على المولود، وتكون بنيّة وشروط مخصوصة، واستحبّ بعض الشافعية تسميتها نسيكة أو ذبيحة بدل اسم عقيقة.[1]

شروط العقيقة ومواصفاتها

ذهب جمهور الفقهاء إلى أنّ الذي يُشترَط في الأضحية يُشترَط في العقيقة؛ من حيث جنس العقيقة، وسنّها، وسلامتها من العيوب، وفي ما يأتي توضيح ذلك:[2]

جنس العقيقة


وردت في العقيقة بعض الأحاديث التي ذُكِر فيها الغنم دون غيره كبيان لجنس العقيقة، ومن هذه الأحاديث ما روته أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-: (أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أمرهم عن الغلامِ شاتانِ مُكافَئَتانِ ، وعن الجاريةِ شاةٌ)،[3] وقد اتّفق الفقهاء على صحة العقيقة من الغنم، وأجاز جمهور أهل العلم العقيقة من الإبل والبقر كذلك، وخالفهم في ذلك الظاهرية وقولٌ للإمام مالك، واستدلّ الجمهور بحديث رسول الله -صلى الله عليه وسلّم-: (مع الغُلَامِ عَقِيقَةٌ، فأهْرِيقُوا عنْه دَمًا)،[4] فلفظ الدم الوارد عام، لم يُخصّص؛ لذا صحّت العقيقة بغير الغنم، بينما احتجّ الظاهرية بأنّ النبي -صلّى الله عليه وسلّم- كان يَعقّ بالشياه ويأمر بها، وفعله يُحمَل على الوجوب، واستندوا إلى ردّ السيدة عائشة -رضي الله عنها- عندما قِيل لها أن تَعقّ جزوراً عن ابن أخيها عبدالرحمن بن أبي بكر، فقالت: (معاذَ اللهِ، ولكن ما قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: شاتانِ مُكافَئتانِ)،[5] ورأى جمهور أهل العلم أنّ فعل النبيّ -صلى الله عليه وسلم- يُحملُ من باب التّخفيف عن أمّته، وأمّا فعل السيدة عائشة فهو لرغبتها باتّباع السنة الفعلية للنبي -عليه السّلام-.:[6]

سلامة العقيقة من العيوب


العقيقة قربة لله -تعالى-، فلا بدّ أن تكون طيبة سليمة من العيوب؛ لذا ذهب جمهور الفقهاء إلى القول بأنّه يُجتنَب في العقيقة ما يُجتنَب في الأضحية من العيوب، وهناك أربعة عيوب لا تجوز في الأضاحي، وقد بيّنها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بقوله: (أربعٌ لا تجوزُ في الأضاحيِّ فقالَ العوراءُ بيِّنٌ عورُها والمريضةُ بيِّنٌ مرضُها والعرجاءُ بيِّنٌ ظلعُها والكسيرُ الَّتي لا تَنقى)،[7] فلا يجوز أن يُعَقّ بالعوراء البيّن عورها، ولا العرجاء البيّن عرجها، ولا المريضة البيّن مرضها، ولا المكسور طرف من أطرافها الأربعة، كما لا يجوز أن يُعَقّ بالعمياء التي هي أشد عيباً من العوراء، وهكذا في كلّ العيوب لا يجوز العيب الأشدّ، ولا خلاف بين العلماء في ذلك.[8]

السّن المُعتَبر في العقيقة


من شروط صحة العقيقة عند جمهور الفقهاء أن تَبلُغ العقيقة السنّ المُعتَبر شرعاً كما هو الحال في الأضحية؛[8] فتكون العقيقة بالبقرة إذا أتمّت السنتَين من عمرها ودخلت في الثالثة، والإبل إذا أتمّت الخمس سنوات ودخلت في السادسة، والماعز إذا أتمّت السنة ودخلت في الثانية، والجذع* من الضأن إذا أتمّ ستّة أشهر ودخل في السابع.[9]

الأفضل في العقيقة

يُفضَّل في العقيقة ما يُفضَّل في الأضاحي؛ من حيث جنسها ولونها ووزنها؛[9] فالذكَرُ أفضل من الأنثى في العقيقة؛ وذلك لفعل النبي -صلّى الله عليه وسلّم- في اختيار الكباش في عقيقتَي الحسن والحسين، كما يُفضّل في لونها البياض، أمّا وزنها فما كان أكثر سُمنةً ولحماً كان أفضل،[10] وللفقهاء في مسألة تفضيل ما يُعَقّ به من الإبل أو البقر أو الغنم أقوال، وخلاصتها فيما يأتي:[6]

  • القول الأول: الغنم أفضل؛ إذ إنّه لم يرد عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه عقّ بغيرها، وهذا يدلّ على أفضليتها، وهو مذهب المالكية والحنابلة.

  • القول الثاني: الأفضل الإبل، ثم البقر، ثم الغنم؛ وذلك قياساً على الأضحية؛ فالأعظم فيها هو الأفضل، وهو مذهب الشافعية.

مسائل مُتعلّقة بشروط العقيقة

دعاء ذبح العقيقة


ذهب جمهور العلماء إلى أنّه يُشرَع عند ذبح العقيقة ما يُشرَع في غيرها من الذبائح؛ من وجوب التسمية، والتكبير،[11] كما أنّه يُستحَبّ للذابح أن ينوي العقيقة، ويذكر اسم المولود عند الذبح، فيقول: "بسم الله والله أكبر اللهم لك إليك عقيقة فلان"،[12] فإن جاء بالتسمية والتكبير دون التلفظ بالنية واسم المولود أجزأه ذلك،[11] ولا يُشترط عند الذبح إحضار المولود؛ إذ إنّ ذلك لم يرد عن رسول الله.[13]

من يَعقّ عن المولود


إنّ لأهل العلم في مسألة مَن تُسَنّ في حقّه العقيقة أقوالاً متعدّدة، وخلاصتها فيما يأتي:[14]
  • المالكية والحنابلة: ذهبوا إلى أنّ العقيقة تكون من مال الأب، وإنْ كان للمولود مال، بل إنّ الإمام أحمد يرى جواز الاقتراض إنْ كان الأب مُعسراً وأراد إحياء هذه السُّنة، ولا يُسنُّ أنْ يعقّ عن المولود غير أبيه، إلا إذا منع ذلك مانع كالموت، وانطلاقاً من هذا الرأي فقد أوّلوا ما ثبت من عقِّ النبي -عليه السّلام- عن الحسن والحسين بعدّة تأويلات، منها أنّ ذلك كانَ تبرعاً منه عليه السلام بإذن أبيه.

  • الشافعية: تُسَنّ العقيقة في حقّ من تَلزمه نفقة المولود، ولا يُعَقّ عن اليتيم من ماله.

  • ابن حزم: تُسَنّ العقيقة في حقّ المولود؛ ذكراً كان أم أنثى إن كان له مال، ولا تكون في حقّ الأب إلّا إذا رغب في ذلك، أمّا إن لم يكن للمولود مال، فتكون في حقّ الأب، أو الأم.


العدد الذي يُذبَح عن الذكر والأنثى في العقيقة


تُشرَع العقيقة في حقّ الأنثى كما تُشرَع في حقّ الذكر باتّفاق جمهور الفقهاء؛ لقول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (وعَنِ الجَارِيَةِ واحدةٌ)،[15][16] وتُذبَح عنها شاة واحدة بالإجماع، أمّا مَا يُذبَح عن الذكر تحديداً؛ فالعلماء فيه على قولين، هما:[17]
  • القول الأول: تكون السُنّة بذبح شاتَين عن الذكر، وهو قول الشافعية والحنابلة وابن حزم، واستدلّوا بحديث أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنّها قالت: (أمرَنا رسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ، أن نعقَّ عنِ الغلامِ شاتَينِ).[18]

  • القول الثاني: تكون السنّة بذبح شاة واحدة عن الذكر، وهو قول الحنفية والمالكية،[19] واستدلّوا على ذلك بما رواه عبدالله بن عباس -رضي الله عنه-: (أنَّ النبيَّ عقَّ عن الحسنِ والحُسينِ كبشًا كبشًا).[20][17]


العقيقة عن التوأم


أجمع العلماء على أنّ من وُلِد له توأم في بطن واحد فلا تُجزئ عقيقة واحدة عنهما بلا خلاف، وقد بيّن ابن القيّم علّة ذلك بأنّ الذبيحة تكون فداء للمولود، فإنّ المشروع في ذلك أن تكون إراقة الدم عن كلّ مولود؛ أي كلّ نفس (العقيقة مُقابل نفس المولود)، وإراقة الدم تقع عن واحد فقط.[21][22]

حُكم الاشتراك في العقيقة


مسألة جواز الاشتراك في العقيقة عند أهل العلم على قولين، إذا كانت من الإبل أو البقر، وبيانهما فيما يأتي:[6]
  • المالكية والحنابلة: لا يصحّ الاشتراك في العقيقة؛ حيث لا تُجزئ إلّا عن نفس واحدة، واستدلّوا بقول رسول الله: (مع الغُلَامِ عَقِيقَةٌ)،[4] فقد جعل النبي -صلّى الله عليه وسلّم- لكلّ غلام عقيقة مُستقِلّة.

  • الشافعية: يصحّ الاشتراك في العقيقة من سبعة أشخاص، أو أقلّ إذا كانت بُدنة*، أو بقرة، بحيث تُجزئ عن سبع عقائق؛ وذلك لأنّها تُجزئ عن سبعٍ من الغنم، فتُؤدّى السُنّة بالسُّبع منها كما تُؤدّى بالشاة كاملة، وكان قياس العقيقة على الأضحية والهدي هو ما استدلّ به الشافعية؛ لأنّ الاشتراك في الأضحية والهدي جائز، فيصحّ الاشتراك في العقيقة بجامع أنّ كلّاً منهما من القربات.


حُكم الجمع بين الأضحية والعقيقة


اختلفت آراء الفقهاء في صحّة اجتماع الأضحية والعقيقة في ذبيحة واحدة على قولَين، كما يأتي:[23]
  • القول الأول: لا تُجزِئ الأضحية عن العقيقة، وهو مذهب المالكية والشافعية ورواية عن الإمام أحمد؛ وذلك لأنّ السبب في ذبح العقيقة مختلف عن السبب في ذبح الأضحية؛ فلا تُجزئ إراقة دم واحد عن إراقة دَمَين.

  • القول الثاني: تُجزِئ الأضحية عن العقيقة، وهو مذهب الحنفية ورواية عن الإمام أحمد؛ وعللّوا ذلك بأنّ المقصود فيهما واحد؛ وهو التقرُّب إلى الله -تعالى-.

للمزيد من التفاصيل عن العقيقة وأحكامها الاطّلاع على المقالات الآتية:



الهامش
* الجذع من الضأن: وهو الصغير من الضأن الذي يبلغ عمره أكثر من ستّة أشهر.[24]
* البُدنة: وتعني الإبل أو البقر في الأضحية، وهي كلمة خاصّة بالإبل.[25]

المراجع