مشاكل البيئة

معلومات عامة  -  بواسطة:   اخر تحديث:  ٠٧:٥٣ ، ٢١ يوليو ٢٠٢٠
مشاكل البيئة

يُعدّ التغيّر المتسارع الحاصل في البيئة أحد الأمور المؤكّدة في الوقت الحالي، والذي أدّى إلى زيادة المخاطر البيئيّة، وإصابة نظام حفظ الحياة (بالإنجليزيّة: Life Supporting System) بالعديد من الأضرار، وبالتالي زادت الآثار السلبيّة على المدى البعيد على كلّ من النظام البيئيّ والنظام الاقتصادي، وزادت الآثار السلبيّة التي تصيب حياة البشر، خاصة في الحقبة الزمنيّة الحاليّة التي تُعرَف باسم الأنثروبوسين (بالإنجليزيّة: Anthropocene)، وهي الحقبة التي يعيش فيها الإنسان ويساهم فيها في تغيير معالم ومظاهر كوكب الأرض من خلال الأنشطة البشريّة، والتحضّر، والعولمة، وزيادة عمليّات التصنيع، والاستهلاك المفرط لموارد الأرض، وتتميّز هذه الحقبة بالترابط والتسارع الذي يسود العالم، ونتج عنها الكثير من المشاكل البيئيّة المعقّدة، وفيما يأتي بعض منها:[1][2]

الاحتباس الحراري


يُعرَّف الاحتباس الحراري العالمي (بالإنجليزيّة: Global Warming) أو (بالإنجليزية: Greenhouse Effect) بأنّه ارتفاع درجات الحرارة على سطح الكرة الأرضيّة بسبب زيادة كميّات الغازات الدفيئة المنبعثة إلى الغلاف الجوي بما فيها غاز ثاني أكسيد الكربون الذي يُعدّ المسبب الرئيسي لها، وتؤدي هذه الظاهرة إلى التسبب بالعديد من المشاكل التي تصيب الكرة الأرضيّة، منها: ظهور العواصف المطيرة المدمرة، وذوبان الأنهار الجليديّة، والتغيّرات التي تتعلّق بكميّات الأمطار الهاطلة على الكوكب، وتغيّر معدلات درجات الحرارة بين عام وآخر، وتغيّرات المناخ المختلفة على المدى البعيد.[1]

عملت الوكالة الأوروبية للبيئة (بالإنجليزية: European Environmental Agency) على تقديم دراسات تشير إلى زيادة متوسّط درجات الحرارة العالميّة بشكل كبير؛ حيث زادت بمقدار 0.3°-0.6° درجة مئوية مع بداية القرن العشرين، وبلغ أعلى متوسّط لدرجات الحرارة عام 1998م، والذي يُعدّ أكثر تلك الأعوام حرارة على الإطلاق، وتشير بعض الدراسات الأخرى إلى ارتفاع متوسّط درجات الحرارة من 0.87°-0.92° درجة مئوية خلال العقد الماضي، وتمّ تصنيف عام 2016م على أنّه العام الأكثر دفئاً على الإطلاق؛ حيث ارتفعت درجات الحرارة بمقدار 1.1° درجة مئوية عن الدرجات التي تمّ تسجيلها في الفترة ما قبل الثورة الصناعية.[1]

وتشير بعض الدراسات إلى إمكانيّة وجود بعض التغيّرات المناخيّة التي تتجاوز الحدود السابقة والحاليّة بسبب ظاهرة الاحتباس الحراري، حيث تقدّر هذه الدراسات ارتفاع درجات حرارة الكرة الأرضيّة إلى 2.0° درجة مئوية بحلول عام 2100م، وهذا يعني ضرورة اتخاذ الإجراءات التي من شأنها التقليل من كميّات غاز ثاني أكسيد الكربون حول العالم بنسبة تتراوح بين 50-70% من نسبة الانبعاثات الحاليّة، وذلك حسب دراسة اللجنة الدولية للتغيّرات المناخية (بالإنجليزية: Intergovernmental Panel on Climate Change) اختصاراً (IPCC) لعام 2007م.[1]

فقدان التنوع الحيوي


ترتبط كافة المشاكل البيئيّة التي تحدث في العالم مع بعضها البعض، ويتوقّع بعض العلماء أنّ تغيّر المناخ سوف يؤدي إلى القضاء على التنوّع البيولوجي في الكرة الأرضيّة، بالإضافة إلى ظهور عدّة مشاكل بيئيّة أخرى، مثل: التصحّر، وتغيّر النظم البيئية البريّة والبحريّة، وأشارت بعض دراسات الصندوق العالمي للطبيعة (بالإنجليزيّة: The World Wildlife Fund) التي أجريت على حوالي 3,000 نوع من الحيوانات حول العالم إلى فقدان ما يزيد عن 52% من التنوّع البيولوجي للكرة الأرضيّة بين عامي 1970-2010م، وخسارة حوالي 39% من الحياة البحريّة والبريّة، بالإضافة إلى خسارة 76% من الأحياء البريّة التي تعيش في المياه العذبة، بسبب النمو المضاعف لعدد السكان خلال 40 عاماً الماضية.[1]

كما تشير بعض الأبحاث إلى تسارع نسبة انقراض الحيوانات بشكل كبير في المستقبل مما سيؤدي إلى خلل في النظام البيئيّ، الذي سيؤدي بالتالي إلى العديد من الآثار الصحيّة السلبيّة لدى البشر، ويرجع السبب في ذلك إلى قيام البشر بالعديد من الأنشطة، مثل: التحضّر، والممارسات الخاطئة أثناء الصيد أو الزراعة، والاستغلال المفرط للموارد الحيوانيّة والنباتيّة، بالإضافة إلى حرق الغابات وإزالتها.[1]

ومن العوامل الأخرى التي تؤدي إلى فقدان التنوّع البيولوجي: استخدام المبيدات الحشريّة والمواد الكيميائيّة بشكل عشوائيّ، وعمليّات التجارة غير القانونيّة للكائنات الحية، وتحويل الأراضي إلى منشآت حديثة، وينتج عن ذلك حدوث خسائر كبيرة في النظام البيئيّ، وتدمير الكثير من مواطن الكائنات الحيّة، وضعف القدرة الزراعيّة، وفقدان الكثير من الموارد النباتيّة وأنواع الكائنات الحيّة المختلفة، وتتسبب هذه المشكلة بظهور العديد من الأمراض، وظهور أنواع من الكائنات الحيّة الغازِيَة (بالإنجليزيّة: Invasive Species).[3]

التلوث العابر للحدود


نتج النمو الاقتصادي المشترك في العديد من القطاعات الاقتصاديّة حول العالم بسبب استحداث نظام التجارة الحرّة والعولمة، بالإضافة إلى اشتراك العديد من هذه الدول بالحدود الطبيعيّة مع بعضها البعض، مما أدّي إلى التأثير على النظام البيئيّ بشكل سلبيّ عن طريق ما يُسمى بتلوّث الهواء العابر للحدود (بالإنجليزية: Transboundary Air Pollution)، ويقصد به تأثير الهواء الملوَّث على الدول الأخرى غير الدولة التي نشأ فيها، ويسبب هذا التلوث العديد من المشاكل البيئية، مثل: تلوّث المسطّحات المائيّة، وتشكّل الأمطار الحمضيّة، وتجارة النفايات الخطرة حول العالم.[1]

ينشأ تلوّث الهواء العابر للحدود من عمليّات التصنيع، وإنتاج الطاقة، ووسائل النقل المختلفة، مثل: الشحن الدولي والتنقّل الداخلي، وتشير دراسات الوكالة الأوروبية للبيئة إلى مساهمة تلوّث الهواء العابر للحدود في ظهور التحمّض، والضباب الدخاني خلال الصيف، ويساهم هذا التلوّث بانتشار المواد الخطيرة كالعناصر المشعة في الهواء، وحدوث ظاهرة فرط المغذيات أو الإثراء الغذائي (بالإنجليزية: Eutrophication) في المياه والتربة.[1]

تدمير طبقة الأوزون


تحمي طبقة الأوزون الكرة الأرضيّة من الآثار الضّارة للأشعة الشمس فوق البنفسجيّة، وقد اكتشف العلماء عام 1974م أنّ هناك ارتباطاً مباشراً لمركّبات الكلوروفلوروكربون (بالإنجليزية: Chlorofluorocarbons) اختصاراً (CFCs) -وهي أحد الغازات الدفيئة- بظاهرة نضوب الأوزون (بالإنجليزيّة: Ozone Depletion) في الغلاف الجويّ، ووصول الأشعة فوق البنفسجيّة إلى الكرة الأرضيّة، والتي ينتج عنها نقص الإنتاج النباتي، والعديد من الأمراض التي تصيب البشر، مثل: أمراض نقص المناعة، وسرطان الجلد، والساد أو إعتام عدسة العين (بالإنجليزيّة: Cataract)، وغيرها.[1]

مشاكل بيئية أخرى


يعاني النظام البيئيّ في الكرة الأرضيّة من عدّة مشاكل إضافة إلى المشاكل التي تمّ ذكرها، ومنها ما يأتي:[4]
  • تدهور جودة المياه: تتلوّث المياه بشكل كبير نتيجة الجريان السطحي للمياه من الأراضي المختلفة إلى مصادر المياه المختلفة، حاملة معها نسبة كبيرة من الفسفور والنيتروجين نتيجة مرورها بالمناطق السكنية والأراضي الزراعيّة، كما تتلوّث المياه السطحيّة بسبب العديد من الأنشطة البشريّة الأخرى، مثل: تسرب النفط، وتراكم المخلّفات البلاستيكيّة، والعمليّات الصناعيّة، وعمليّات التعدين وما ينتج عنها من تدفّق المياه السامّة في بعض الأحيان، إضافة إلى التراكم الحيوي لبعض المواد الكيميائيّة الثابتة، وينتج عن هذا النوع من التلوّث كثير من الآثار الصحيّة والبيئيّة السلبيّة، ويؤدي إلى تدهور البيئة البحريّة بشكل كبير.

  • شح المياه العذبة: تواجه العديد من دول العالم مشكلة في نقص المياه العذبة الصالحة للشرب نتيجة العديد من الممارسات البشريّة الخاطئة التي تتعلّق بسوء إدارة الموارد المائيّة كالإفراط في استخراج مياه الأنهار، مما يؤدي إلى زيادة ملوحة مجارى الأنهار بسبب نقص المياه الموجودة فيها، كما تؤدي بعض الممارسات الأخرى إلى استنزاف مياه ريّ المزروعات، وظهور مشكلة التملّح في التربة المروية.

  • تلوّث الأراضي: يُعرَف تلوّث الأراضي بأنّه التلوّث الذي ينشأ عن المواد الإشعاعيّة أو الكيميائيّة بما فيها المواد الكيميائيّة الثابتة ذات الأعمار الطويلة في التربة، ويؤدي تلوّث الأراضي إلى انخفاض قدرة البيئة على النمو، إضافة إلى العديد من الآثار السلبيّة الشديدة على البيئة، ولا بدّ من إعادة تأهيل هذه الأراضي قبل استخدامها للبناء، أو الزراعة، أو جعلها من الأراضي المخصصة للأنشطة الترفيهيّة.

  • تدهور التربة وتآكلها: تؤثر المشاكل البيئيّة بشكل سلبيّ على أداء الأنظمة البيئيّة الطبيعيّة، بالإضافة إلى تأثيراتها السلبيّة على الإنتاج الرعوي والزراعي، وأصبحت المخاوف من آثار تدهور التربة كبيرة جداً، خاصة تلك المبنية على التجارب التاريخيّة لعمليّات حت ونقل التربة التي حدثت في دول العالم الجديد خلال ظاهرة قصعة الغبار (بالإنجليزية: Dust Bowl) التي حدثت خلال ثلاثينيّات القرن العشرين.

  • إزالة الغابات: تغطّي الغابات الاستوائيّة 6% من المساحة الكليّة للكرة الأرضيّة، وتُعدّ جزءاً مهمّاً من أجزاء النظام البيئيّ؛ إذ إنّها تقاوم عمليات التجوية والتعرية، وتساعد على تنظيم مناخ الكرة الأرضيّة، وتُعدّ الغابات الاستوائيّة موطناً لكثير من النباتات والحيوانات المختلفة؛ حيث تشير بعض الدراسات إلى أنّ ما يقارب 90% من أنواع الكائنات الحيّة توجد ضمن الغابات الاستوائيّة، وهذا يعني أنّ إزالة الغابات قد يؤثر على وجودها، ويُمكن أن يسبب العديد من المشاكل البيئيّة؛ إذ تتمّ إزالتها للحصول على الأخشاب، أو للتوسع في الأنشطة المتعلقة بالزراعة والرعي، وتشير بعض الدراسات إلى قيام البشر بإزالة حوالي نصف الأشجار الموجودة حول العالم تقريباً.

  • استخدام الأراضي لغايات مختلفة: تتقاطع هذه النقطة مع نقطة إزالة الغابات، وتشتمل على عمليّات تجفيف المناطق الرطبة، وإزالة الغابات بهدف استخدام الأراضي لتطوير البنية التحتيّة أو استخدامها لبناء مساكن للبشر، مما يؤدي إلى حدوث خلل كبير داخل النظام البيئيّ.

  • زيادة عدد السكان: تعدّ زيادة أعداد البشر بشكل كبير واحدة من المشاكل البيئيّة أيضاً؛ حيث تشير بعض التقديرات إلى أنّ أعداد سكان الأرض ستتراوح بين 9-10 مليار نسمة خلال عام 2025م، مما يعني زيادة الطلب على الموارد النباتية والحيوانية بشكل كبير.[5]

تحديات مرتبطة بمشاكل البيئة

ترتبط العديد من القضايا الاجتماعيّة، والسياسيّة، والاقتصاديّة، والتكنولوجيّة بالمشاكل البيئيّة على الرغم من عدم كونها مشاكل بيئيّة بالدرجة الأولى، وفيما يأتي توضيح لهذه العلاقة:[4]

  • النموّ السكاني: وصل عدد سكان العالم عام 2019م إلى حوالي 7.7 مليار نسمة حسب إحصائيات موقع وورلد ميترز (بالإنجليزية: Worldometer)،[6] وتتزايد أعداد سكّان الكرة الأرضيّة بشكل كبير نتيجة تحسّن الظروف الغذائيّة، والصحيّة، وتطوّر أنظمة الصرف الصحي، ويساهم هذا النمو المتزايد في أعداد السكان في تدهور النظام البيئيّ، إضافة إلى زيادة المتطلبات التي تتعلّق بمواطن الكائنات الحية الأخرى، وزيادة الطلب على الموارد المختلفة.

  • التحضّر: يحدث التحضر بسبب الزيادة المستمرّة لأعداد البشر في المناطق الريفيّة وانتقالهم إلى المدن التي توفّر العديد من الفرص الاقتصاديّة، وعدم توفّر مثل هذه الفرص في القرى، ويؤدي التحضّر إلى انخفاض كميّات مياه الشرب، وانخفاض مستويات الصحة العامّة، وارتفاع نسبة التلوّث، وانخفاض قدرة أنظمة الصرف الصحي على استيعاب المخلفّات، كما يؤدي إلى تدهور الحياة في المجتمعات الريفيّة.

  • الفقر: يُعدّ الفقر واحداً من التحدّيات المستمرّة التي تعترف بها معظم الجهات الإنمائيّة الحاليّة بما فيها بعض برنامج الأمم المتحدة الإنمائيّ، ويساهم الفقر في ظهور العديد من الأنماط التي تتعلّق بالإنتاج، والاستهلاك، والدخل، وتؤدّي إلى تأثيرات سلبيّة على النظم البيئيّة، كما تُصدَّر بعض الدول النفايات المشعّة إلى دول أخرى فقيرة بهدف التخلّص منها أو معالجتها، مما يؤدي إلى ظهور العديد من الأضرار البيئيّة أيضاً.

  • الأمن الغذائي: تُعدّ مشكلة الأمن الغذائيّ مشكلة قائمة في العديد من دول العالم حتى الآن، وعلى الرغم من زيادة معدّلات الإنتاج الغذائيّة الإجماليّة عن إجماليّ معدّلات النموّ السكاني خلال العقود المنصرمة؛ نتيجة اتباع العديد من الأنشطة الزراعيّة التي من شأنها إدارة الموارد المائيّة وتحسين الممارسات الزراعيّة المختلفة، إلّا أنّ هذه الممارسات الزراعيّة ساهمت في انخفاض جودة المنتجات، واختلاف توزيعها، بالإضافة إلى إحداث بعض المشاكل البيئيّة التي تتعلّق باستخدام البذور التي يتمّ تعديلها وراثيّاً.

  • المرض: تزداد الأمراض بشكل كبير في المجتمعات الفقيرة التي ينعدم أمنها الغذائيّ نتيجة العديد من الظروف التي تحيط بها، مثل: تدنّي مستويات نظام الصرف الصحي، وانخفاض كميّات مياه الشرب، إضافة إلى سوء التغذية، والتلوّث، وعدم العثور على أماكن مناسبة للسكن، وهذا يؤدي إلى انتشار الكثير من الأمراض المُعدية والأوبئة، مثل: السل، والملاريا، والكوليرا، ونقص المناعة المكتسبة.

  • ذروة النفط: تُعرّف ذروة النفط أو قمة إنتاج النفط في العالم (بالإنجليزية: Peak Oil) بأنّها النقطة التي تصل مستويات استخراج النفط عندها إلى أعلى ما يُمكن، بعدها تبدأ كميّات النفط الاحتياطيّة والكميات المستخرَجة بالانخفاض، وهذا يقود العالم إلى التفكير في استخدام بعض المصادر البديلة للطاقة من أجل تحقيق أمن الطاقة الذي يحتاجه، وبسبب مشاكل تغيّر المناخ، تتمّ حالياً مناقشة مصادر الطاقة الخضراء، مثل: مصادر الطاقة المتجددة أو مصادر الطاقة الخالية من الكربون كبديل عن النفط، وهذا يعني انخفاض كميّة ملوِّثات البيئة.

  • الحروب وتغيّر المناخ: تسببت الحروب بالعديد من الكوارث البيئيّة والبشريّة؛ حيث أدّى استخدام بعض الذخائر التي تحتوي على العناصر المشعة مثل اليورانيوم من قِبَل بعض الدول في الحروب إلى تلوّث الأرض بشكل كبير، ونزوح البشر إلى أماكن أخرى، مما زاد من الضغط الشديد على النظام البيئيّ في الأماكن الجديدة، ومن الجدير بالذكر أنّ تغيّر المناخ يؤدّي إلى نزوح البشر ويسبب النتائج ذاتها التي تحدث عند نزوحهم بسبب الحروب.

تطور الوعي بمشاكل البيئة

شهدت المخاوف الحديثة الناتجة في مجالات البيئة عدة مراحل خلال السنوات الأربعين الفائتة، بسبب العولمة المتسارعة والتوسّع الاقتصادي الكبير خاصة بعد الحرب العالميّة الثانيّة، وبدأت أولى هذه المراحل خلال خمسينيّات القرن العشرين نتيجة المخاوف المتعلّقة باستخدام المواد الكيميائيّة في الأنشطة الزراعيّة، لذا قامت العديد من الدول بسنّ بعض القوانين التي تتعلّق بتلوّث الهواء خلال هذه الفترة للحد منه والسيطرة عليه، ثمّ شهدت بداية الستينيّات قيام العديد من دول العالم بحظر المبيد الحشري الذي يُعرف باسم (DDT).[7]

أمّا في نهاية ستينيّات القرن العشرين بدأت المرحلة الثانية من المراحل التي تتعلّق بالمخاوف البيئيّة نتيجة إصدار بعض الكتب التي أعربت عن تخوّفها من تدهور النظام البيئي في الكرة الأرضيّة بسبب النموّ السكاني المفرط والأنشطة الاقتصاديّة المختلفة؛ حيث أصدر الطبيب بول إرليخ (بالألمانية: Paul Ehrlich) كتابه القنبلة السكّانيّة (بالإنجليزيّة: Population Bomb)، وحذّر من وصول الزيادة السريعة لسكّان العالم إلى حدودها العليا خلال القرن العشرين، مما أدّى إلى إعادة النظر في أطروحة مالتوس (بالإنجليزيّة: Malthus Thesis) للنموّ السكاني والانهيارات التي ستحدث نتيجة الوصول إلى الحدود البيئيّة العليا، وتمّ إدخال هذه الأطروحة في الدراسات السياسيّة الاقتصاديّة والبيئيّة الحديثة.[7]

نشر عالم الأحياء غاريت هاردين (بالإنجليزيّة: Garrett Hardin) كتاب تراجيديا المشاع (بالإنجليزيّة: The Tragedy of the Commons) عام 1968م، وأشار فيه إلى نفاد موارد الكرة الأرضيّة في حالة عدم تنظيم استخراجها بشكل صحيح، ثمّ صعدت مخاوف المرحلة الثانية إلى ذروتها عام 1972م عندما أصدرت منظّمة نادي روما (بالإنجليزية: The Club of Rome) تقارير حدود النموّ التي أشارت إلى احتماليّة انهيار الحضارة العالميّة، وحذّرت من تدهور النظام البيئيّ بشكل متزايد، إضافة إلى تحذيرها من نضوب موارد الكرة الأرضيّة.[7]

أسهمت التحذيرات السابقة بتوجّه العديد من الدول إلى اتخاذ بعض التشريعات والتدابير اللازمة نتيجة تأثيرها الكبير على المجتمع والسياسة، وتنبيهه إلى انحدار العالم نحو كارثة بيئيّة؛ حيث عملت بعض الدول على سنّ التشريعات التي من شأنها الحد من تلوّث الهواء، والمياه، والتربة، كما تمّ اتخاذ العديد من التدبيرات اللازمة للحد الطاقة المهدورة في الأنشطة الاقتصاديّة، وازدادت هذه الحاجة على إثر أزمة الطاقة التي حصلت بين عامي 1973-1979م، وبدأت مرحلة جديدة من المخاوف البيئيّة مع بداية الثمانينيّات نتيجة ملاحظة التأثير السلبي الكبير على البيئة بسبب الأنشطة البشريّة المختلفة.[7]

طرق المحافظة على البيئة

هناك العديد من الطرق التي يُمكن اتّباعها من أجل المحافظة على مكوّنات النظام البيئيّ، ومنها ما يأتي:[8]للتعرف أكثر على أهمية المحافظة على البيئة يمكنك قراءة المقال أهمية الحفاظ على البيئة

المحافظة على الهواء


يُمكن الحد من تلوث الهواء من خلال اتباع الإجراءات الآتية:[8]
  • استخدام أنواع الطلاء المناسبة، مثل طلاء لاتِكس (بالإنجليزيّة: Latex Paint)، وعدم استخدام الطلاء الزيتيّ الذي يُنتج أبخرة هيدروكربونية.

  • الصيانة الدوريّة للمركبات؛ من أجل زيادة كفاءة احتراق الوقود، والتقليل من الانبعاثات الضارّة.

  • عدم تعبئة خزّان الوقود الخاص بالمركبة إلى الحد الأقصى؛ لتجنب انسكاب القطرات على الأرض، حيث يؤدّي الإفراط في التعبئة إلى إطلاق الهيدروكربونات وغيرها من المواد السامّة التي تنتقل إلى الهواء.

  • المحافظة على مصادر الطاقة والتقليل من استهلاكها؛ إذ يؤدّي ذلك إلى انخفاض الطلب على محطّات توليد الطاقة، وبالتالي انخفاض نسبة ملوِّثات الهواء.

  • عدم حرق النفايات في غير الأماكن المخصصّة لذلك؛ إذ تؤدّي هذه الممارسات إلى تلوّث الهواء بالسناج والعفن، وغيرها من المواد التي تتسبب ببعض أمراض الجهاز التنفسي، وتزيد من أمراض الحساسيّة.

  • المشي، أو استخدام وسائل النقل الجماعي، أو الدراجات الهوائيّة أثناء التنقل بدلاً من استخدام السيارات الخاصّة؛ لأنّ حركة المركبات تُعدّ واحدة من الأسباب الرئيسيّة في إنتاج الضباب الدخاني.

  • زراعة الأشجار؛ لأنّها تمتص غاز ثاني أكسيد الكربون الموجود في الجو.


المحافظة على المياه


يُمكن الحد من تلوث المياه من خلال اتباع الإجراءات الآتية:[8]
  • التقليل من كميّات الأسمدة التي يتمّ استخدامها أثناء العناية بالحدائق الخاصّة؛ لأنّها تنتقل إلى مجاري المياه المختلفة عندما تختلط بمياه الأمطار مما يؤدّي إلى تلوّث المسطّحات المائيّة.

  • عدم التخلّص من النفايات السائلة، مثل: الزيوت والمواد الكيميائيّة في خزانات التجميع (بالإنجليزية: Storm Drain)؛ لأنّ هذه السوائل ستنتقل إلى أقرب مصدر للمياه.

  • إلقاء المهملات والنفايات التي تشتمل على الإطارات البالية والأجهزة القديمة في الأماكن المخصصة؛ حيث يؤدّي إلقاؤها في المجاري المائيّة إلى تلويثها.

  • ريّ الحديقة في الأوقات المبكّرة من اليوم لضمان عدم تبخّر المياه، والحرص على ريّها مرة واحدة في الأسبوع، وعدم الإسراف في الريّ.

  • تزويد سطح التربة بغطاء عضوي لضمان المحافظة على رطوبتها وعدم تبخّر المياه مما يؤدّي إلى انخفاض كميّات المياه المستهلكة لريّ المزروعات.

  • عدم استخدام خرطوم المياه لغسل السيارة أو الرصيف، واستبدال دلو المياه به، كما يُمكن تكنيس الرصيف بدلاً من غسله.

  • عدم تشغيل غسّالة الأطباق أو غسّالة الملابس قبل وصولها إلى الحمولة الكاملة؛ لأنّهما تستهلكان ذات الكميّات من المياه سواء أكانت حمولتها كاملة أم لا، ويُمكن ضبط مستويات المياه لغسّالات الملابس عندما لا تكون الحمولة كاملة.

  • تشغيل صنبور المياه عند الحاجة فقط، وعدم هدر المزيد من المياه أثناء العديد من الأنشطة المشابهة لغسل الأسنان والحلاقة.

  • التقليل من كميّات المياه المستهلكة من خلال تقليل الوقت المستغرق للاستحمام، واستخدام رشّاش مياه منخفض التدفق.

  • تركيب قطع خاصّة بتهوية الصنبور، وإصلاح الصنابير والمراحيض المسربة، ويمكن التحقق من تسرّب مياه المراحيض من خلال إضافة بعض الألوان إلى الخزان الخاصّ بها، ثمّ مراقبة المرحاض، وفي حال وجود التسريب تظهر هذه الألوان قبل إفراغ الخزان بشكل يدويّ من المياه.


المحافظة على التربة


يُمكن الحد من تلوث التربة من خلال اتباع الإجراءات الآتية:[8]
  • إعادة تدوير النفايات، وطلب برامج إعادة تدويرها من قِبَل الجهات المختصة في حالة عدم توفّر مثل هذه البرامج ضمن المجتمع المحلّي.

  • عدم التخلّص من المواد الخطرة والمواد الكيميائيّة في سلّة المهملات، وانتظار الوقت المخصص لجمع النفايات المنزليّة لتتخلّص من الزيوت، والدهانات، والمبيدات، وغيرها.

  • استخدام المقياس الإلكتروني لدرجات الحرارة بدلاً من المقياس الزئبقي؛ لأنّ الزئبق واحد من العناصر التي تتسبب بالكثير من الأضرار الصحيّة الخطيرة، ولا بدّ من التواصل مع الجهات المسؤولة في حالة انسكاب الزئبق، وعدم التخلص منه دون التعرّف على الخطوات الصحيحة لذلك من قِبَلهم.

  • عدم شراء الدهانات، والمبيدات، والمواد الكيميائيّة الزائدة عن الحاجة لضمان استخدامها بشكل كامل، وعدم الحاجة إلى إلقائها في النفايات.

  • استخدام الحقائب القماشيّة لحفظ المشتريات بدلاً من استخدام الأكياس البلاستيكيّة والورقيّة، وإعادة استخدام هذه الحقائب عند الشراء مرّة أخرى.

  • التقليل من كميّة الأوراق المُستخدمة عن طريق الطباعة على وجهي الورقة، بدلاً من الطباعة على أحد الوجهين فقط.

  • استخدام البطارات التي يُمكن إعادة شحنها بدلاً من البطاريّات ذات الاستعمال الواحد؛ لأنّ البطاريات تحتوي على مواد ضارة يُفضل عدم وجودها في مكبات النفايات، حيث إنّها قد تصل إلى التربة وتلوثها.

  • التبرّع بالملابس والأدوات المنزليّة التي يُمكن استخدامها بدلاً من التخلّص منها بإلقائها في القمامة.

للتعرف أكثر على تعريف البيئة يمكنك قراءة المقال تعريف البيئة

المراجع