تعريف علم المعاني

معلومات عامة  -  بواسطة:   اخر تحديث:  2020-07-19
تعريف علم المعاني

علم المعاني هو أحد علوم البلاغة الثلاثة المعروفة ، المعاني ، والبيان ، والبديع ، وقد كانت البلاغة العربية في أول الأمر وحدة شاملة لمباحث هذه العلوم بلا تحديد أو تمييز ، وكتب المتقدمين من علماء العربية خير شاهد على ذلك ، ففيها تتجاور مسائل علوم البلاغة ، ويختلط بعضها ببعض من غير فصل بينها ، وشيئا فشيئا أخذ المشتغلون بالبلاغة العربية ، ينحون بها منحى التخصص والاستقلال ، كما أخذت مسائل كل فن بلاغي تتبلور وتتلاحق واحدة بعد الأخرى.

تطور علم المعاني

وقد ظل الأمر كذلك حتى جاء عبد القاهر الجرجاني في القرن الخامس الهجري ٤٧١ ه‍ ، ووضع نظرية علم المعاني في كتابه (دلائل الإعجاز) ، ونظرية علم البيان في كتابه (أسرار البلاغة) ، كما وضع ابن المعتز من قبله أساس علم البديع.لذا يعد عبد القاهر الجرجاني هو واضع أصول علمي المعاني والبيان ومؤسسهما في العربية ، وقد جعل من مباحث كلا العلمين وحدة يمكن النظر فيها نظرة شاملة ، مع العلم لم يحدث بعده تغيير يذكر في هذين العلمين ، لأنه استطاع أن يستنبط من ملاحظات البلاغيين قبله ، كل القواعد البلاغية فيهما ، وكان ذلك إيذانا بأن تتحول تلك القواعد من بعده إلى قوانين جامدة.وقد فتن البلاغيون بعمله فراحوا يرددون كلامه ، ويقفون عنده لا يتجاوزونه إلى عمق أو ابتكار ، كأنما البحث في البلاغة قد انتهى بعبد القاهر الجرجاني ، ويرجع ذلك لأن جهود البلاغيين من بعده انحصرت في جمع قواعد علوم البلاغة التي وضعها ، وفي ترتيب أبوابها ، واختصارها. وكان هذا الاختصار يصل أحيانا من الغموض والصعوبة إلى حيث يحتاج إلى شرح يوضح غامضه ، ويذلل صعابه ، فيقبل عليه الشراح ، ومنهم من يتوسع في الشرح إلى الحد الذي يجعل الإلمام بحقائق العلم أمرا عسيرا.وهكذا وصلت البلاغة نتيجة لذلك إلى أقصى ما يمكن من اختصارات ، وأقصى ما يمكن من شروح ، ومن أوائل من اتجهوا إلى الاختصار والتلخيص الفخر الرازي ٦٠٦ ه‍ ، في كتابه (نهاية الإيجاز في دراية الإعجاز) ، فقد اختصر فيه كتابي (دلائل الإعجاز) ، و (أسرار البلاغة) لعبد القاهر.وظهر بجانب الرازي وفي عصره عالم كان له تأثير خطير على البلاغة العربية ، هو سراج الدين أبو يعقوب يوسف بن محمد السكاكي المتوفى سنة ٦٢٦ للهجرة ، صاحب كتاب (مفتاح العلوم) ، الذي جعله أربعة أقسام : قسما في علم الصرف ، وقسما في علم النحو ، وقسما في علوم البلاغة ، وقسما في علم الشعر.ويمكن حصر موضوعات علم المعاني ، التي وردت في القسم الثالث من كتاب (المفتاح) للسكاكي على النحو التالي : الخبر والطلب ، الإسناد الخبري باختلاف السامع من حيث خلو الذهن ، أو الشك ، أو الإنكار ، الإسناد ، وبيان أحوال المسند إليه والمسند ، من حيث : الحذف والذكر ، والتنكير والتعريف ، والتقديم والتأخير ، والتخصيص والمقتضيات البلاغية لذلك ، الفعل ومتعلقاته ، الفصل والوصل ، الإيجاز والإطناب ، وبيان كيف أنهما نسبيان.القصر ، وأنواعه ، وطرقه ، الطلب ، ويندرج تحته :1- مقدمة عن الطلب مستمدة من كلام المناطقة عن التصور والتصديق وما يحصل في الذهن ، وما يحصل في الخارج.2- أنواع الطلب الخمسة : التمني ، والاستفهام ، والأمر ، والنهي ، والنداء ، وأدوات كل نوع منها ، ووظائفها.3- الأغراض البلاغية أو المعاني الإضافية التي يخرج الطلب عن معانيه الأصلية من أجل الدلالة عليها ، وذلك مثل : التعجب ، والإنكار ، والاستبطاء ، والنفي.[1]

فائدة علم المعاني

  • من فوائد علم المعاني ، معرفة إعجاز القرآن الكريم ، من جهة ما خصَّه الله به من حُسْن الوصف ، وبراعة التراكيب ، ولطف الإيجاز ، وما اشتمل عليه من سهولة التركيب ، وجزالة كلماته ، وعذوبة ألفاظه وسلامتها ، وإلى غير ذلك من محاسنه التي أقعدت العرب عن مناهضته ، وحارت عقولهم أمام فصاحته وبلاغته.
  • والوقوف على أسرار البلاغة ، والفصاحة في منثور كلام العرب ومنظومه ، كي تحتذي حذوه ، ووتفرق بين جيد الكلام ورديئه.
  • علم المعاني وأثره في بلاغة الكلام

    الهدف العام من علم المعاني لا يتعلق به غرض ديني ، وإنما هو محاولة الاطلاع على أسرار البلاغة ، والفصاحة ،  في غير القرآن ، من كلام العرب شعره ونثره ، وذلك لأن من لا علم له بأوجه البلاغة ، يعجز عن التمييز بين الفصيح والأفصح ، والبليغ والأبلغ.[2]فالهدف العام كما رأي أبي هلال العسكري في مضمونه ، أن التهاون في طلب البلاغة من جانب صاحب العربية أيا كان قصور في الفهم وتأخر في المعرفة والعلم ، وتفصيل ذلك الرأي كما يقول هو : (إن صاحب العربية إذا أخل بطلبه وفرط في التماسه ، ففاتته فضيلته ، وعلقت به رذيلة فوته ، عفي على جميع محاسنه ، وعمى سائر فضائله ، لأنه إذا لم يفرق بين كلام جيد وكلام رديء ، ولفظ حسن وآخر قبيح ، وشعر نادر وآخر بارد ، بان جهله وظهر نقصه).

    أهم المعلومات عن علم المعاني

    1- الحال هو الأمر الداعي للمتكلم إلى إيراد خصوصية في الكلام ، وتلك الخصوصية هي مقتضى الحال ، مثلًا إن كان بينك وبين مخاطبك عهد بشيء ، فالعهد حال يقتضي إيراد الكلام معرفا ، والتعريف هو مقتضى الحال ، فالحال هو ما بعد لام التعليل المذكورة بعد كل خصوصية ، كقولك في الذكر : لكون ذكره الأصل ، وفي الحذف: حُذف للاستغناء عنه.2- أي المعاني الأول ما يُفهم من اللفظ بحسب التركيب ، وهو أصل المعنى مع زيادة الخصوصيات من التعريف والتنكير ، وقال بعض أهل المعاني : الكلام الذي يُوصف بالبلاغة هو الذي يدل بلفظه على معناه اللغوي ، أو العرفي ، أو الشرعي ، ثم تجد لذلك المعنى دلالة ثانية على المعنى المقصود الذي يريد المتكلم إثباته أو نفيه ، فهناك ألفاظ ومعان أول ، ومعان ثوان ، فالمعاني الأُوَل هي مدلولات التركيب ، والألفاظ التي تسمى في علم النحو أصل المعنى ، والمعاني الثواني الأغراض التي يُساق لها الكلام ، لذا قيل: (مقتضى الحال) ، وهو المعنى الثاني كرد الإنكار ودفع الشك ، مثلًا إذا قلنا: (إن زيدًا قائم) فالمعنى الأول هو القيام المؤكد ، والمعنى الثاني هو رد الإنكار ، ودفع الشك بالتوكيد ، والذي يدل على المعاني خمسة أشياء : اللفظ، والإشارة، والكناية، والعقد، والحال.3-  اعلم أنه لما احتدم الجدل في صدر الدولة العباسية إبَّان زهو اللغة وعِزِّها ، في بيان وجوه إعجاز القرآن ، وتعددت نزعات العلماء في ذلك ولما قامت سوقٌ نافِقَةٌ للمناظرة بين أئمة اللغة والنحو ، أنصار الشِّعر القديم الذين جَنَحوا إلى المحافظة على أساليب العرب ، ورأَوُا الخير كله في الوقوف عند أوضاعهم ، وبين الأدباء والشعراء ، أنصار الشِّعر الحديث الذين لم يحفلوا بما درج عليه أسلافُهم ، وآمنوا بأن للحضارة التي غذوا بلبانها آثارًا ، غَدَوْا معها في حِلٍّ من كل قديم.ولما شجر الخلاف بين أساطين الأدب في بيان جيد الكلام ورديئه دعت هذه البواعث ولفتت أنظار العلماء إلى وضع قواعد وضوابط يتحاكم إليها الباحثون ، وتكون دستورًا للناظرين في آداب العرب (المنثور منها والمنظوم).لا نعلم أحدًا سبق أبا عبيدة بن المثنى المتوفَّى سنة ٢١١ھ ، تلميذ الخليل بن أحمد ، في تدوين كتاب في علم البيان يُسمى (مجاز القرآن) ، كما لا نعرف بالضبط أول من ألَّف في علم المعاني ، وإنما أثر فيه نبذ عن بعض البلغاء كالجاحظ في كتابه (إعجاز القرآن) ، وابن قتيبة في كتابه (الشعر والشعراء) والمبرد في كتابه (الكامل).وما زالت هذه العلوم تسير في طريق النمو ، حتى نزل في الميدان الإمام (أبو بكر عبد القاهر بن عبد الرحمن الجرجاني) المتوفى سنة ٤٧١ھ فشمر عن ساعد الجد ، فدون كتابيه (أسرار البلاغة) و(دلائل الإعجاز) ، وقرن فيهما بين العلم والعمل.ثم جاء إثر عبد القاهر (جار الله الزمخشري) ، فكشف في تفسيره (الكشاف) عن وجوه إعجاز القرآن ، وأسرار بلاغته ، وأوضح ما فيه من الخصائص والمزايا ، وقد أبان خلالها كثيرًا من قواعد هذه الفنون ، ثم نهض بعده (أبو يعقوب يوسف السَّكَّاكي) المتوفَّى سنة ٦٢٦ھ ، فجمع في القسم الثالث من كتاب (المِفتاح) ما لا مزيد عليه ، وجاء بعده علماء القرن السابع فما بعده يختصرون ويضعون مؤلفاتهم حسب ما تسمح به مناهج التعليم للمتعلمين في كل قطر من الأقطار حتى غدت أشبه بالمُعَمَّيَات والألغاز.[3]4- اعلم أن الجمل ليست في مستوًى واحد عند أهل المعاني ، بل منها جمل رئيسية وجمل غير رئيسية ، والأولى هي المستقلة التي لم تكن قيدًا في غيرها ، والثانية ما كانت قيدًا إعرابيًّا في غيرها ، وليست مستقلة بنفسها ، والقيود هي : أدوات الشرط ، والنفي ، والتوابع ، والمفاعيل ، والحال ، التمييز ، وكان وأخواتها ، وإن وأخواتها ، وظن وأخواتها .5- أي : وما يجري مجراها.